أخبار السودان :
مع دلالة بعض اعمال الحج
كثيرة هي الزوايا التي يمكن الحديث من خلالها عن الحج ، فهو مدرسة كبرى قائمة بذاتها ، تصلح لان نتوقف مع بعض دروسها ، ودلالة بعض ما يتم في هذه الشعيرة العظيمة من أعمال ، ووقفتنا هذه ليست الا إشارات بسيطة لمعان عظيمة ترسخها هذه الفريضة ، وما نشير اليه ليس إلا اليسير مما نستطيعه في هذا الباب والا فهذا موضوع كبير ودلالاته عظيمة ، ونتمنى أن يتم تدارس هذا الأمر والاستفادة منه.
نرى الحجيج – جميعهم – يعبرون عن عقيدة واحدة ، فكلهم يلبون تلبية التوحيد لله لا شريك له ، وهي عبودية لله وحده، وليست لفئة ولا لقوم ولا لمصالح مادية مشتركة ، بل ولا للغة أو قبيلة أو تراب.
وفي الإحرام نرى الجميع يرتدون لبساً واحداً، وتزول اي فوارق قد تصنعها أحياناً بعض أنواع اللباس فيقال هذا أمير، أو وزير، أو غني، أو شيخ كبير ، ولكن في لباس الاحرام سواء ، ولن تستطيع التمييز بينهم ، وهذه من النقاط التي تحمل دلالات كبرى يلزم ان ننتبه لها جميعا.
وفي عرفات – زمانا ومكانا – يجتمع الحجيج ، ومن خلال هذا الاجتماع العظيم تتوحد الأمة الإسلامية كلها ، حجاجاً وغير حجاج إذ يتفاعل المسلمون كل من موقعه مع وقفة الحجيج في عرفات ، ويتابعونهم بانفعال ، ويعيشون معهم نفس الروح ، ويشعر الجميع انه مع هذا الحدث ، وضمن الحجيج ، مما يقدم رؤية واضحة تقول ان الوحدة ممكنة وليست عملا صعب المنال.
لا شك أن أيام الحج تركز على وحدة المسلمين ، ففيها أسباب قوتهم ، وإليها دعاهم ربهم فقال: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا) آل عمران 103، فعليهم أن يكونوا صفاً واحداً ويجتنبوا التناحر ويتركوا التشاحن والبغضاء ، وان يتحدوا فقد رأوا ما فعلت بهم الفرقة من ضعف وهوان ، وعليهم نبذها وتوحيد هدفهم لخدمة دينهم وأوطانهم وشعوبهم، والعمل من اجل قضاياهم العادلة صفاً واحداً كأسنان المشط ولنستفد الدروس من الحج.
سليمان منصور