أخبار السودان :
حرب السودان.. قراءة أعمق
يعرف كثيرون ان السودان ظل محل اهتمام عدد من الدول الاقليمية والبعيدة وان اختلفت اسباب ذلك لكن يبقي الطمع في موارد السودان والحيلولة دون نهوض هذا البلد وتوظيف إمكانياته لخدمة شعبه وعموم المحبين للخير ، يبقي من أسباب تكالب الغير علينا ، وقد سعت كل دولة للبحث عن سبيل يتيح لها النفوذ إلى البلد والاستحواذ على مايمكنها من إيجاد نفوذ لها يخدم أغراضها ، وتسابقت بعض الدول للاستثمار في الواقع السياسي في السودان وتوظيف بعض الأحزاب والجماعات وقادة العمل السياسي والاعلامي وبعض رموز المجتمع وواجهاته عملت دول على توظيفهم من حيث يعلمون او لايعلمون للتوصل بهم إلى ما تريد.
وهناك كثيرون يسهل استدراجهم وتوظيفهم ، واخرون صنعوا خصيصا لهذا الغرض ، وهناك من وجدت بعض الجهات عندهم القابلية للاستجابة إلى استخدامهم لخدمة أهدافها فرعتهم ومهدت لهم الطريق ، وحرب السودان التي دمرت البلد وانهكت الناس في جزء منها هي مخطط لوصول البعض إلى اهدافهم او جزء منها ، وان لم نقل ان الحرب اصلا قد جاءت لخدمة أهداف بعض القوى الخارجية فلن يكون مخطئا من يقول ان البعض استثمر فيها وسعي الى توظيف اطرافها الى الحصول على ما يريد ، وطرفا الحرب بلا شك متورطون بنسب متفاوتة في خدمة الجهات الخارجية وليس من أولويات هذه الجهات كما هو معروف البحث عن مصلحة اهل السودان فهذا امر لايهم المتحاربون أنفسهم ناهيك عن داعميهم والمستثمرين فيهم.
ولنعرف شيئا مما ارتبط بهذا الموضوع يلزم ان ننتبه إلى أن الاعداد
لهذه الحرب لم يقتصر على الجانب العسكري الذي مثلته قوات الدعم السريع فى أوضح صورة وهي تتلقي الدعم والتدريب والتسليح وتقيم الاستثمارات الضخمة داخل وخارج السودان وترتبط بعلاقات خاصة مع بعض الدول المهتمة بالشان السوداني ومنها الإمارات واثيوبيا وتشاد إريتريا مع اختلاف درجات الاهتمام وتداخله ، أو مع إسرائيل الساعية منذ وقت طويل إلى ارساء وجود رسمي لها في السودان ، واخر نشاط علنى هو العمل على إكمال التطبيع مع الحكومة الذي بدا بلقاء البرهان نتنياهو في أوغندا ثم تواصل زيارات الوفود العسكرية والامنية والسياسية إلى السودان ولقاء المسؤولين الرسميين ، نقول لم يقتصر الاعداد للحرب على هذه الخطوات فحسب وإنما تمت تهيئة الأوضاع لانفجار وشيك على ركائز أخرى أيضاً ومنها آلة إعلامية مثلتها فضائيات خليجية ومنصات رقمية تطلق حملات إعلامية مدروسة من عاصمة خليجية، ومن عواصم ومدن غربية ظلت تضطلع بمهمة صناعة رأي عام يعمل على إضعاف الحس الوطني الاستقلالي، وجعل التماسك الوطني هشاً، وتهيئة الشباب والمجتمع لقابلية الاستعمار.
وكان الخطاب السياسي والحاضنة السياسية كذلك من ركائز مشروع الحرب وقد بُني الخطاب السياسي على عناوين رئيسة، من بينها إعادة السودان إلى حضن “المجتمع الدولي”، وتبني النيوليبرالية بأبعادها الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والقيمية، والقبول بوصفات البنك الدولي وشروطه، والتطبيع مع الكيان الصهيوني، والتنكر للهوية العربية والقيم الحضارية. وقد مثلت تلك العناوين مضامين خطاب تحالف الحرية والتغيير “المجلس المركزي” الذي يُعتبر الحاضنة السياسية لمشروع الحرب في السودان بطبيعتها الاستعمارية الاستيطانية.
سليمان منصور