انه لمما يؤسف له ان تنقل الأخبار ان مرضى الكلى فى السودان قد ازدادت معاناتهم جدا فى الفترة الأخيرة ، بل ان عدد الوفيات وسط هذه الشريحة قد ارتفع بشكل كبير فى الأشهر الثلاثة الماضية ، ولنقرا معا هذه التفاصيل المحزنة فى الخبر التالى :
كشف مدير المركز القومي لأمراض وجراحة الكلى، نزار حسن عن وفاة (266) مريض كلى خلال (3) أشهر، لافتا لوجود ما يزيد عن (2) ألف مريض كلى بالخرطوم منهم (1990) مريضا يخضعون للغسيل ، فيما خضع (87) لعملية الزراعة ، وهذه التصريحات تم تداولها امس على مواقع التواصل الاجتماعي وفى بعض المنصات الإخبارية نقلا عن وكالة الأنباء السودانية “سونا”.
إن الإنسان ليحزن جدا وهو يطالع هذا الخبر المؤسف ، ونجد أنفسنا ليس فقط متعاطفين مع هؤلاء المرضى المساكين وعوائلهم المغلوبة على أمرها وهى ترى المرض ينهش ابناءها ، ومعاتاتهم تزداد ، والجهات المسؤولة لاتفعل لهم شيئا ، وتقصر فى القيام بواجبها ، ولا تتحمل مسؤولياتها.
كثيرون اعتبروا ان هذه المعاناة نتاج طبيعى لغياب الدولة ، وسقوط كل الخطط التى كانت موضوعة للنهوض
بالقطاع الصحى ، وفتح الباب واسعا للتعاون مع جهات اقليمية ودولية
ذات صلة.
وان كل هذا التردى والانهيار ما كان ليحدث لو لم يقع الانقلاب المشؤوم والذى تبعه ترد فى الخدمات على كل المستويات وتقصير فى كل الجوانب ، وكان ملاحظا بشدة اهمال وزاره الصحة – كغيرها من الادارات والمؤسسات – ، وعدم توفر الرعاية الطبية ، إذ ظلت هذه الرعاية تتلاشى شيئا فشيئا إلى أن انهار القطاع الصحى ، وها نحن نعيش نقصا مريعا فى الادوية والمستلزمات العلاجية ، وقد راينا مثلا النقص المستمر فى مراكز تقديم العناية الفائقة ، بل حتى عدم وجود أسرة عادية فى الطوارئ وتقديم الخدمات العلاجية العاجلة ، وكم من شخص كان يصارع الموت وهو يبحث عن سرير فى مستشفى ، وفيهم من اشرف على الموت ، وفيهم من رحل عن الدنيا وأهله يجوبون به الطرقات ويقطعون ارجاء المدينة جيئة وذهابا بحثا عن سرير يقدم الخدمة الاسعافية الأولية ، وهذا
لعمرى امر مؤسف ، بل عار علينا جميعا ، وان معاناة مرضى الكلى وفشل الحكومة فى القيام بمسؤلياتها وأداء واجباتها لايعفينا كمجتمع من هذا التقصير الكبير والذى بسببه يموت أهلنا الأعزاء من نقص الخدمات والتى يمكن أن نساهم عبر النفرات المجتمعية فى سد بعض فرجها والتيسير على أهلنا المساكين الذين يعانون من هذا الداء العضال ويموتون بسبب نقص المال اللازم لعلاجهم ، لماذا لايجعل كل واحد منا مساهمة ثابتة نوجهها لهذا البند ونخفف عن أهلنا الأعزاء ، هل يصعب على كل واحد منا اقتطاع جزء يسير من المصروف الشهرى لعائلته وايداعه فى الصندوق الخاص بعلاج مرضى الكلى؟ ان هذه المساهمات مهما قلت فانها حتما تنتج أثرا طيبا وتحدث تحولا فى هذا الأمر وسوف نلحظ جميعنا النتيجة قريبا فقط علينا أن نبدأ وسوف يبارك ربنا جل وعلا فى هذه الجهود وينميها وتنعكس هذه المسألة إيجابا على الجميع ، ففى المقام الأول مرضانا الأعزاء ، ثم عوائلهم الصابرة المحتسبة ، ومن ثم على المجتمع ككل ان شاء الله ، والا فسوف يجتمع علينا العار والحسرة والندامة اذا تقاعسنا ، ولنفهم ان رفع معاناة أهلنا من مرضى الكلى واجبنا جميعا ، وان قصرنا فى ذلك فجميعنا واقعون فى العار.
نسأل الله تعالى أن يشفى المرضى ويخفف عنهم ويلطف بالجميع.
سليمان منصور