لينكر يضع ديموقراطية بريطانيا على المحك
كثيرة هى الادعاءات التى يأتى الواقع على الأرض ليكذبها ويفضحها ويكشف زيفها ، والادهى والامر فى هذا الباب ان تتصدى جهة لمراقبة الآخرين واحصاء تصرفاتهم والصراخ فى وجوههم بأنكم لا تلتزمون بمعايير حقوق الإنسان وقواعد الديموقراطية حتى إذا تعرضت لاقل اختبار سقطت سقوطا مدويا شنيعا ، وذهبت تتخبط يمينا وشمالا ، والعالم يشهد فشلها وسقوطها الكبير والمدوى.
إحدى أبرز الدول الأكثر ضجيجا فى العالم بريطانيا ، وهى تدعى زورا وبهتانا حرصها على احترام مبادئ الحقوق والقوانين ، وهى فى الواقع غير ذلك تماما.
وقع حدث قبل أيام هز بريطانيا وضغضع ديموقراطيتها المدعاة ، وكشف زيف الساسة فى هذا البلد ، وجعلهم فى مأزق ، إذ لم يصبح من حقهم أخلاقيا ولا قانونيا الحديث عن احترام حقوق الإنسان ، ولم يعودوا لانتقاد اى جهة ، فماذا حدث؟
أوقفت الهيئة البريطانية للإذاعة والتلفزيون مذيعها الشهير جارى لينكر عن تقديم برنامج “مباراة اليوم”، الذي يعد أشهر برامجها الرياضية ، ويعلق على مجريات الدوري الإنجليزي ، بداعي مخالفة لوائح الحيادية بعد ان قارن أسلوب وزيرة الداخلية البريطانية سويلا بريفرمان باللغة المستخدمة من ألمانيا في ثلاثينيات القرن الماضي.
وعندما أوقفت الهيئة البرنامج والمذيع الشهير ، قالت إن تغريدة لينكر تنتهك قواعد السلوك الخاصة بالمؤسسة.
وقالت الهيئة إنها ستراجع كيف يمكن للمذيعين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ويتضمن ذلك من لا يعملون بدوام كامل خارج قسم الأخبار مثل لينكر قائد منتخب إنجلترا السابق الذي يقدم أشهر برنامج رياضي في المحطة.
واضطرت “بي.بي.سي” لإلغاء معظم تغطياتها الرياضية يومي السبت والأحد، بعدما رفض المذيعون والمحللون العمل تضامنا مع لينكر، الذي انتقد سياسة الهجرة الخاصة بالحكومة في بريطانيا.
وكانت الازمة بين الجانبين قد تصاعدت بعدما انتقد الأخير سياسة الحكومة بشأن ملف الهجرة ، فيما اعتبر رئيس الوزراء البريطانى ريشى سوناك ان الأمر يخص الهيئة وليس الحكومة.
وأضاف سوناك في بيان آمل أن يتم حل الوضع الحالي بين لينيكر وBBC بطريقة ملائمة وبسيطة.. ولكن هذا أمر يخصهم ولا يخص الحكومة.
بدورها قالت وزيرة الداخلية البريطانية سويلا برافرمان لـ BBC، إنها شعرت بخيبة أمل من تعليقات لينيكر، مضيفةً : أعتقد أنه من غير المفيد مقارنة إجراءاتنا ، التي هي قانونية ومناسبة ، وفي الواقع عطوفة ، بما فعلته ألمانيا في الثلاثينات . وأشارت إلى أن تعليق لينيكر يقلل من مآساة الهولوكوست.
والخميس الماضي ، قال لينيكر إنه متمسك بتعليقاته على مواقع التواصل الاجتماعي لإجراء مقارنات مع ألمانيا في ثلاثينيات القرن الماضي ، مؤكداً أنه لا يشعر بأي ندم.
في المقابل ، علق متحدث باسم الحكومة البريطانية ، في وقت لاحق ، على انتقاد لينيكر لسياسة اللجوء الجديدة ، ووصفها بأنها غير مقبولة.
وأضاف المتحدث ، حسبما نقلت BBC: من المخيب للآمال أن ترى شخصاً يحصل على راتبه من دافعي الضرائب البريطانيين الكادحين، يستخدم هذا النوع من الخطاب، ويبدو أنه يتجاهل مخاوفهم (المواطنين) المشروعة بشأن عبور القوارب الصغيرة والهجرة غير الشرعية.
انه جانب من السقوط البريطانى فى امتحان الديموقراطية ، فهاهم ادعياء الديموقراطية يضيقون ذرعا بشخص من وسطهم يعبر عن رأيه بطريقة لاتعجبهم.
هذه القضية وضعت بريطانيا وديموقراطيتها على المحك تماما.
سليمان منصور