فى ذكرى كررى..لمن رسائل البرهان؟
فى الذكرى 123 لمعركة كررى كان السيد القائد العام يخاطب الجيش ومن خلفه الشعب السودانى بالمناسبة من موفع المعركة فى كررى بمنطقة وادي سيدنا العسكرية – الواقعة شمال مدينة أم درمان – ، ومن الطبيعى ان يحيى الجيش هذه الذكرى ، ومن الطبيعى أيضا ان يحضر الاحتفال ويخاطبه قادة القوات المسلحة وعلى رأسهم القائد العام الفريق البرهان ، فكل هذا أمر عادى لاغرابة فيه ، لكن اللافت للنظر ، والباعث على التوقف مع الحدث ، عبارات وردت فى خطاب البرهان وهى بمثابة رسائل نتساءل عن الغرض منها والجهة التى يريد الفريق البرهان إيصال هذه الرسائل إليها.
قال البرهان :
إن السودان يمر اليوم بنفس الظروف التي مرت بها الأمة من قبل، منبها إلى أننا كشعب سنفقد مكاسبنا من ثورة ديسمبر المجيدة إذا لم نعي الدرس، لأن نفس الإدعاءات التي كانت تساق ضد الثورة المهدية مازالت اليوم توجه ضد الدولة السودانية.
وهذا الكلام من البرهان يحمل دلالات خطيرة فهو يريد تصوير الوضع الآن بأنه شبيه بما قبل معركة كررى والغزو الإنجليزى الذى سعى لهزيمة الثورة المهدية واحتلال السودان ويقول البرهان ان البلد الان تجابه مصيرا مشابها لما حدث يومها وان ثورة ديسمبر مهددة بالقضاء عليها واحتلال البلد كما حدث بعد معركة كررى ونقول للسيد البرهان لا ياحضرة القائد العام ، فالظروف مختلفة ، والاوضاع غير متشابهة ، فالان لانخشى احتلالا كما فعل الانجليز بعد كررى ، وإنما نخاف على الثورة من أبناء البلد الذين قادوا الانقلاب ووأدوا اختيار الشعب فى التحول المدنى الديموقراطى بالعمل الذى تم فى 25 اكتوبر 2021.
وقال الفريق البرهان
ينبغي مطالبة دولة المستعمر بتقديم إعتذار رسمي لأسر الشهداء ولأبناء الشعب السوداني الذين أبادوهم بطريقة مقصودة تحت سمع وبصر كل العالم وقتها، وينبغي أن نصدع بهذا الحق لأن ماجرى كان بمثابة إبادة وتطهير عرقي لأبناء شعبنا لكسر شوكتهم.
ونقول للفريق البرهان ان المستعمر أخطأ فى حق شعبنا ويلزم اتخاذ موقف حاسم وحازم تجاهه ، وقولك هذا جميل ويستحق الدعم ، لكن لتعلم سيادة الفريق ان قيام مؤسسات الحكم المدنى ودولة القانون ووجود حكومة منتخبة ذات تفويض شعبى هو الذى يتيح لنا المطالبة بحقوقنا ومقاضاة دولة الاستعمار على ما ارتكبته فى حقنا من جنايات ، والمطالبة بالاعتذار عن ما جرى والتعويض ، لكن طالما اننا لانتوفر على حكومة تحظى بتفويض شعبى فلن يكون لهذا الكلام اى اثر.
إن الفريق البرهان بتوجيه هذه الرسائل إنما يهدف بوضوح الى كسب المزيد من التأييد الشعبى له وتلميع نفسه ، فى ظل المعركة المحتدمة بين الشارع الثائر والاتقلابيين ممثلين فى حميدتى والبرهان ، ويريد الاخير بهذه الرسائل ان يكسب ود البعض ويحيد اخرين لعل ذلك يخفف قليلا من حدة استهداف الثوار والناشطين له فى نفسه بشكل اساسى وكقائد للانقلاب خائن للتوافق الذى تم بصورة ثانوية.
سليمان منصور