أخبار السودان :
المغفول عنه في الازمة السودانية
من الواضح عند كل ذي بصيرة ان الازمة السودانية ليست فقط اشكالا داخليا بين بعض المكونات المحلية ، وانه صراع سينتهي وتضع الحرب اوزارها ، سواء ببسط احد الاطراف سيطرته التامة على الاوضاع ، او التوصل لتفاهمات بين المتحاربين تقود الى اتفاق سلام وانهاء الحرب.
ان ماتشهده بلادنا اليوم جزء من مؤامرة خطط لها الاستكبار ، واستخدم المتحاربين في الداخل كادوات لتحقيق ما يصبو اليه ، من بسط سيطرته ، وفرض هيمنته ، وتدخله السافر في شؤوننا الداخلية.
الدكتور محمد حسب الرسول الباحث في الشؤون السودانية و الاقليمية اشار الى هذه المخاطر المحدقة بالوطن وثورته في مقال جدير بالقراءة ، اختار له عنوانا معبرا هو
مشروع الهيمنة الخارجية على السودان… تاريخ طويل من التدخّلات الغربيّة
اشار الكاتب الى تجربة الانتقال الثالثة التي اعقبت اسقاط البشير ومفارقتها لسابقتيها بعد اسقاط عبود ونميري ، واورد عرضا واضحا للخلل الذي رافق هذه الفترة ودور الخارج في افشالها واضاعة الثورة ، وواد احلام الشعب.
وعرض الرجل الى الحرب الحالية باعتبارها لم تكن حدثاً مفاجئاً ، إنما كانت خطة بديلة لخطة رئيسة بدأ الإعداد لها مع بداية الفترة الانتقالية ،
ثم عرج الرجل على ما اعتبره الطور الأول لمشروع الهيمنة الخارجية على السودان بكسر استقلالية القرار السوداني ، واعاقة المحافظة على السيادة الوطنية ، وتشريع تدخّل الخارج في الشأن الداخلي ، والوقوف بوجه وطنية التوجّه ، وهو ما توفر في 1964 و 1985 وشن الحرب عليه الحرب عبر عملائه في الداخل منذ 2019 وما الحرب الحالية الا احدي حلقاته.
كانت تلك الثوابت اولى قواعد الانتقال الرشيد في التجربتين السابقتين ، وثانيها المحافظة على هوية السودان ، وثالثها عدم إطالة فترات الانتقال ، وإعادة الأمر إلى الشعب عبر انتخابات خلال عام واحد فقط يبدأ من حدوث التغيير، ورابعها التوافق على كفاءات وطنية مستقلة لإدارة الفترة الانتقالية لتنزيه مرحلة الانتقال من التحيّزات الحزبية والأيديولوجية، ولتتفرّغ الأحزاب للانتخابات.
هذه القواعد سعي الغرب الى ضربها تماما في تجربة الانتقال الثالث التي شهدت أعلى درجات انتهاك السيادة الوطنية ، وشُرّعت خلالها الأبواب أمام التدخلات الخارجية ، حتى أمسك الخارج بالقرار السوداني ، وهُدّدت فيها الهوية والمصالح الوطنية ، وطالت فيها مرحلة الانتقال.
وكان الخارج حاضراً قبل اكتمال التغيير في 11 أبريل عبر اشكال مختلفة ، وتم السعي القوى لصناعة رأي عامّ مناهض للثوابت والهوية والقيم الوطنية التي ميّزت السودان والسودانيين ، واسهم ذلك في هدم الثوابت والقيم الوطنية ، وامتد التأثير السالب إلى تمزيق النسيج والتماسك الوطني ، حتى باتت القابلية للاستعمار ثقافة تسري كوباء في بعض أوساط الشباب ، وحتي بعض النخب بكل اسف.
ونكتفي بهذا الجزء في عرضنا لمقال دكتور حسب الرسول ، على ان نعاود غدا باذن محاولة القراءة واستعراض بعض ما جاء في هذا المقال الجدير بالتوقف عنده طويلا.
سليمان منصور