أخبار السودان:
لا أحد يستطيع الإنكار أو إيجاد مبرر يمنع المواطنين من الاحتجاجات جراء الاوضاع الاقتصادية البائسة والضائقة المعيشية التي فاقت حد الصبر ، خاصة وأن المعاناة هذه المرة في الحصول على الاحتياجات الأساسية من السلع الاستهلاكية (الخبز ، الكهرباء ، الماء ، الوقود، الدواء).
شجع المواطنون على الخروج والتظاهر الملهاة الزمنية للأزمات التي تراوح مكانها دون الوصول إلى حلول برغم الوعود التي تطلقها حكومة الثورة كل يوم، فيما يتمدد غول الغلاء كل يوم أيضاً بمتوالية هندسية، لتتحول حياة الشعب إلى جحيم بين ندرة السلعة وزيادة سعرها.
هذا الثنائي اللئيم (الندرة + الزيادة) هو الذي حفز ودفع المواطنين وطلاب المدارس إلى الخروج الى الشارع معبرين عن رفضهم التام للأوضاع الساحقة شاهرين هتافهم ومنددين بالغلاء والجوع، ولكن بالرغم من سيادة مبدأ السلمية في التظاهر سيما وأنها علامة النصر والطريق الذي إستطاع عبره الثوار للوصول لتحقيق حلمهم بازاحة النظام البائد إلا أن التظاهرات جاءت هذه المرة عنيفة وصاحبها تخريب للمؤسسات العامة والخاصة وعمليات سلب ونهب وحرق في وضح النهار دون أن تردع القوات النظامية المخربين حيث تعلل تارة بنقص الجنود والعتاد وتارة أخرى بعدم وصول الأوامر.
والسؤال الذي يطرح نفسه بشدة لماذا هذا التأخر من قبل المجلس السيادي لحسم هذه الأوضاع التي بدا انحرافها ماثلاً من انطلاقتها ؟ والسؤال أيضاً لماذا تهاوى الجنيه السوداني أمام العملات الأخرى والأحداث تتفاقم يوماً بعد يوم حتى بلغت قمة ذروتها ، ومن المستفيد؟
من الواضح جداً أن الصور ومقاطع الفيديو المتداولة والتي تكشف عن طلاب كسروا محال تجارية وحملوا (جوالات) السكر على ظهورهم أو (باغات) الزيت على أكتافهم ، يمكن أن نجد لها تفسيراً، وتستطيع الاجهزة الامنية بلاشك القبض على هؤلاء السارقين والاجابة على سؤال أنهم فعلوا ذلك لأنهم جياع أم لا؟ ولكن الذي يصعب تفسيره هو تخريب المؤسسات العامة مثل حرق مستندات المراجعة الداخلية في الفاشر أو العبث بمباني الاذاعة في الضعين أو تهشيم زجاج سيارة والي غرب كردفان أو حرق باصات حكومة ولاية شمال كردفان بعد أن أوصل الطلاب مطالبهم لحكومة الولاية وخاطبتهم بدورها ووعدت بالحلول.. هل يحتاج الثوار الجياع أكل المستندات؟.
هذا ما يجعل هناك مظان عدة تحوم حول الجهات المستفيدة من إثارة هذه الفوضى وتحويل الحراك السلمي لا إلى ثورة جياع وإنما لتخريب طال مؤسسات قانونية واعلامية وغيرها ، (غايتو) واضح جداً أن السيناريو المعد فشل وفي الأصل لا يصلح في عالم اليوم وسودان الساعة ، وعلى من يسعون لتطبيقه أن يتواضعوا ويدعموا الفترة الانتقالية ببيان معلن وصولاً لانتخابات حرة ونزيهة لأن من أراد الفوضى لا مكان له في هذه البلاد والشعب أقوى والردة مستحيلة (سلمية سلمية).
الجريدة