فض الاعتصام مازال الجرح غائرا
لايمكن أن ينسى شعبنا ما جرى فى الثالث من يونيو 2019 حيث تكالبت الوحوش على الشباب الأعزل ، واعملت فيهم آلة الجريمة قتلا وسحلا وتنكيلا ، فى وحشية غريبة على شعبنا وطبيعته المتسامحة .
هذا اليوم المشؤوم حفر عميقا فى وجدان اهل السودان ، وأصبح عصيا على النسيان ، وكيف ينسونه وفيه انتهكت الحرمات ، وديست الكرامة ، واعتدى على الاعراض ، ولم تحفظ حرمة النفس البشرية التى كرمها الله تعالى.
فى الثالث من يونيو وقعت المجزرة المهولة ، والتى مازالت آثارها باقيةحاضرة ببشاعتها وقسوتها فى اذهان الشعب المكلوم ، ومازالت العديد من العوائل تنتظر بشغف ولهفة سماع اى خبر عن أبنائها المفقودين – وما اكثرهم – ، وهذا الأمر صعب جدا خصوصا على الامهات اللائى يغفين ويفقن على امل ان يطرق الغائب الباب ، وفيهن من مضت إلى الله تعالى بحسرتها ولوعتها ، تشكو الضيم وتعانى ألم الفقدان ، والى ان خرجن من الدنيا كن باكيات وكيف يهدأ لهن بال او يهنان بلذيذ العيش وهن لايعرفن مصير فلذات اكبادهن ، وهناك أطفال فقدوا اباءهم ، ولايعرفون اهم أحياء ام رحلوا عن الدنيا ، وكذلك زوجات شابات مازلن ينتظرن عودة ازواجهن المفقودين ، فكيف والماساة إلى هذا الحد واكبر كيف يمكن للشعب ان ينسى هذا الحدث الاليم.
ومما يزيد فى الم الناس أن الذكرى التى تمر اليوم تاتى والعدالة معطلة ، ولجنة الاستاذ اديب الكسيحة تراوح مكانها ، وهى التى فقد كثيرون الثقة فيها ، وهناك – وهم الحصيفون بعيدو النظر – من كان يشكك فيها منذ تأسيسها وبدايتها العمل ، فكيف بهم الان وقد راجت انباء منسوبة لرئيس اللجنة انها ستكون مضطرة للتوقف وتجميد عملها ، وكانها كانت تعمل اصلا.
تمر الذكرى الاليمة والمجرمون يتحركون بحرية تامة دون أن تطالهم المساءلة او يتم تحديدهم اصلا ، وكيف نرجو عدالة وتوقيفا لمجرمين فى ظل نظام عدلى مهترئ بالى ، ومجرمون متامرون يقفون بوجه الإصلاح.
اننا وفى ذكرى المجزرة الاليمة التى تمر اليوم نجدد مطالبتنا بضرورة اكمال التحقيق فى القضية وكشف ملابسات الجريمة وتحديد المسؤولين وتقديمهم للمحاكمة لعل ذلك يسهم ولو بشكل جزئى فى تخفيف الألم عن ذوى الضحايا من قتلى وجرحى ومفقودين.
ولابد من القول بأن السياسيين غير مامومين ومن الممكن أن يبيعوا القضية فى اى وقت ، وهناك قطاع كيير من الشارع يجزم بأن السياسيين قد باعوا القضية فعلا وان التعويل عليهم ليس إلا تضييعا للوقت وطمسا للحقيقة ، وقد سمع غالب الناس الهتاف المشهور بى كم بى كم قحاطة باعوا الدم؟.
على الثوار ان يعوا جيدا ان حقوق المفقودين واهات الجرحى وأنات المعاقين ودماء الشهداء كل هذه يمكن أن تضيع ويلفها النسيان وتنطمس معالمها مع مرور الوقت ان تراخوا واهملوا الاهتمام بها ومتابعتها . وليعلم كل متهم بارتكاب الجرم ان جرح مجزرة فض الاعتصام مازال وسيبقى غائرا ينخر فى عظام الوطن ويدمى أبناءه.
سليمان منصور