أخبار السودان :
مواقف الدول مابين المبادئ والمصالح
هناك من يفرض عليه التزامه الشرعي والأخلاقي والقيمي ان يعلن عن مواقفه ويثبت عليها ، لا يساوم ولايقبل قط ان تفاوضه اي جهة بالتزحزح عن هذه الموقف وتبديلها ، لانها بالنسبة له قامت وتأسست على مبدأ ، واستندت على قناعة راسخة ، مؤداها ان الحق احق ان يتبعِ
واخرون – ما اكثرهم – لايقيمون وزنا للحق والحقيقة، وانما تقوم سياساتهم وتتأسس مواقفهم على البراغماتية ومراعاة المصالح ، والتخطيط لنيل المكاسب حتي لو ترتب على ذلك تضييع حقوق بعض الناس ، او وقوع الظلم على ابرياء ٍ
نموذجان وسوف نمثل لكل واحد بما يوضح المسألة، فايران مثلا لم تساوم قط في معارضتها لإسرائيل والاستكبار العالمي رغم تعرضها لاقسى الضغوط ، فموقفها من القضية الفلسطينية مثلا لم يتغير او يتزحزح قط ، ومع تعرضها لعقوبات وشن حروب مختلفة عليها ظلت ثابتة تقدم التضحيات العظمي في سبيل هدفها الذي تؤمن به وتراه متأسسا على قواعد الدين والاخلاق والقيم وانه جزء من التكليف الشرعي ِ
اليمن وحزب الله والمقاومة في العراق وبشكل عام كل محور المقاومة يؤمنون بان مجابهة الاستكبار ومناصرة المظلوم وخدمة الناس مواقف لاتقبل التراجع والتنازل عنها فهي مواقف شرعية ، وهذا الضغط الكبير والحروب المتنوعة كلها لم تثن هؤلاء عن مواقفهم بل قدموا الشهداء وفرضت عليهم حروب خاضوها بثبات ولم يتخلوا عن مواقفهم فهم مبدئيون تحكمهم القيم والاخلاق ويؤمنون ان الحق احق ان يتبع، وهؤلاء نموذج لمن تقوم مواقفهم على المبدئية والالتزام بضوابط الشرع ِ
الجانب الاخر يحدد مواقفه وقفا لما يحقق مصالحه او يدفع عنه المشاكل ، وهؤلاء لا اشكال عندهم في الاصطفاف مع الظالم
الصمت الروسي الصيني في مجلس الأمن في جلسة التحشيد ضد اليمن.. الذي ترعاه أمريكا و امتناعهم عن التصويت.. لا يمثل سوى براغماتية روسية صينية في ظل (شرعنة و تدويل ) الاعتداء على اليمن من قبل ما يسمى بتحالف حماية الازدهار بقيادة أمريكا.. فمن مصلحة الصين و روسيا إشغال أمريكا وتحالفها الغربي.. و استنزاف مواردها العسكرية.. في جبهة البحر الأحمر.. مما يفتح الباب لتقدم روسي في جبهة أوكرانيا. خصوصا وأن كل الدعم الأمريكي الغربي المالي والعسكري موجه إلى الكيان الصهيوني باعتبار جبهة الحرب في غرب آسيا والبحر الأحمر له الأولوية الاستراتيجية على جبهة أوكراني. و بالنسبة للصين فإن موقفها و إدانتها لما سمته تعطيل حركة الملاحة في البحر الأحمر كان ضوء أخضر لأمريكا للمضي في مهاجمة واستهداف اليمن، ويعني لها ذلك مزيد من الإشغال لأمريكا وإضعاف لها في جبهة بحر الصين الجنوبي ومضيق تايوان الجبهة الاستراتيجية بالنسبة للصين و بؤرة التوتر في علاقتها مع أمريكا، و اعتقد ان المصالح الوطنية القومية هي التي باتت تحكم العلاقات الدولية ، من هذا المنطلق يجب على الشعوب و الأمم الحرة الا تراهن أو تعول على القوى الدولية في أي موقف بل اتخاذ قراراتها التي تنبع من مصالحها الوطنية والقومية..
سليمان منصور