أخبار السودان :
حتي لا تنهار العملية التعليمية
اندلعت الحرب اللعينة واثرت على عموم البلد وقطاعاتها المختلفة ومنها بلا شك قطاع التعليم الذي دفع ثمنا باهظا ، فعلاوة على التاخير الكبير الذي عاني منه الجميع وقع تدمير هائل لمبان كثيرة تخص المدارس بمختلف مراحلها ، اضافة الى التدمير والنهب والسرقات الكبيرة التي حدثت لغالب الجامعات ، مما يعني عمليا صعوبة استئناف هذه المراكز التعليمية عملها دون حاجة الى جهود جبارة يتطلبها تمكينها من أداء دورها ولو بصورة جزئية.
في هذه الظروف أعلنت ولاية نهر النيل مثلا بداية العام الدراسي ، وهذا القرار مع انه محل رغبة الناس الا ان كثيرين يتخوفون من اثاره ، وذلك لاسباب موضوعية لايمكن تجاهلها، وما لم يتم تدارك ذلك ومعالجة الاشكالات بقدر المستطاع فان الخوف من فشل العملية التعليمية سيظل يلاحق الجميع.
ومنذ مدة كانت الجامعات قد مارست عملها عبر الدراسة عن بعد لكن سريعا صدر قرار بايقافها عن العمل الى ان تتم معالجة الاشكالات التي اظهرتها التجربة ، وبعد مدة تم الاعلان ثانيا عن عودتها للعمل على ان يتم توفيق الاوضاع للدراسة المباشرة او عن بعد بحسب مايقتضيه الظرف
وكان تحالف تجمع أساتذة الجامعات السودانية قد اصدر بيانا اشار فيه الى الضرورة القصوى للحفاظ على مسار التعليم رغماً عن الظروف ، ثم قال ان صدور قرار استئناف الدراسة من أعلى إلى أدنى يقدح في استقلالية مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي لجهة ان القرار يجب أن يستند على الرأي الفني للوزارة اعتماداً على توصيات مجالس الجامعات المختصة ، مما يصبغ القرار بصبغة سياسية وليس وفق أسلوب علمي صحيح.
ثم واصل البيان يقول :
وفق ظروف الحرب تم تحويل أغلب الداخليات لمراكز إيواء ومع عدم وجود بدائل متاحة ستقدمها السلطة لهؤلاء سيكون صعبا فتح الجامعات
خاصة ان القرار جاء دون الاعتماد على رأي مجالس الجامعات كجهات ذات اختصاص أصيل
وتساءل البيان هل للوزارة والجامعات احصائية دقيقة في ظل الخراب الذي طال أغلب البيانات أم أن الأمر يجب أن يتم هكذا والسلام.
واستغرب البيان الطلب من العاملين في حقل التعليم ممارسة عملهم مع انهم لم يصرفوا رواتبهم منذ بداية الحرب
وشدد البيان على نقطة مهمة جدا بقوله :
إن التمييز بين مؤسسات التعليم العالي وفقاً لحالة التأثر بالحرب مدعاة لخلق ودعم خط الانفصال الوجداني بين أقاليم الوطن الواحد وتمهيداً لانفصال أجزائه، وهذا ما نرفضه جملةً وتفصيلاً من واقع أن الجامعات هي الرمزية الأكثر وضوحاً لوحدة التراب والوجدان القومي، ونؤكد أن الحل يجب أن يكون شاملاً لكل الطلاب بما في ذلك طلاب الجامعات المتضررة من الحرب وتبعاتها.
وواصل البيان مستشكلا يقول :
الجدير بالذكر ان بعض الجامعات تخطط لمواصلة الدراسة إلكترونياً، وهي تنسى وتتناسي الوضع البائس لشبكات الاتصال حتى قبل الحرب وما تجربة كورونا ببعيدة ،إضافة إلى ارتباط ذلك بخدمة الكهرباء والتي تشكو من القطوعات وعدم الاستقرار في أغلب الولايات غير المتأثرة بالحرب وتنعدم تماماً في بعضها.
وقال البيان : في سبيل العدالة في تلقى التعليم، نود الإشارة إلى أن عددا كبيرا من طلاب الجامعات منخرطين فعلياً في هذا الصراع، فما الذي ستقدمه لهم السلطة لتكملة دراستهم وضمان مستقبلهم وهم في خطوط المواجهة.
اشكال اخر طرحه البيان بقوله : يجب الوضع في الاعتبار معاناه عدد من الولايات من انتشار حمى الضنك والكوليرا والملاريا وهي مصنفة كولايات آمنة رغم أن بعضها أعلن حالة الطوارئ الصحية.
ومضي البيان يقول : إن تحالف تجمعات أساتذة الجامعات يرى أن يرد الامر لاختصاصه الأصيل وهو مجالس الجامعات والإدارات المختصة دون وصايا، ووفقاً لواقع الحال وليس أماني السلطة، ولهذا يظل موقفنا الثابت والصارم أن الوضع الصحيح والمنصف هو السعي لإيقاف الحرب والابتعاد عن عسكرة الحياة المدنية وأن تظل الجامعات ومؤسسات البحث العلمي القاطرة التي تجر البلد وبقية المؤسسات وليس العكس.
ونقرأ في البيان :
نشير إلى ضرورة الفصل بين الأعمال الفنية للوزرات المختصة ومحاولة الكسب السياسي على حساب مستقبل الطلاب وجودة مخرجات التعليم العالي، وضرورة دراسة الموضوع بتأنٍ قبل الشروع في تنفيذه.
انها اشكالات حقيقية مطروحة على مقترح استئناف الدراسة وعلى الجهات المختصة دراستها ووضع المعالجات اللازمة حتى لا تنهار العملية التعليمية في البلد.
سليمان منصور