يظل الجدل محتدماً بين الداعمين والرافضين لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تطبقه الحكومة مع صندوق النقد الدولي.
وتعود أسباب الخلاف حول البرنامج لتبني بعض الرافضين للبرنامج الشعارات الاشتراكية القديمة التي ترى في التعامل مع المؤسسات المالية الدولية والإستفادة من دعمها المادي والفني ارتهاناً للخارج وتفريطاً في السيادة الوطنية معللين ذلك بنوايا الخارج للسيطرة على مواردنا ومقدراتنا!! ولا أدري كيف ستكون هذه السيطرة المزعومة إذا كان خيرة الاقتصاديين والخبراء الماليين في البلاد قد شاركوا في تخطيط وتنفيذ هذا البرنامج والذي يُفترض أن يتم إعداده بواسطة خبرائنا الإقتصاديين بمساعدة موظفي وخبراء هذه المؤسسات الدولية.
الأمر الآخر الذي يتحجج به الرافضين لبرنامج الإصلاح الاقتصادي مع الصندوق هو موضوع الموارد الذاتية التي يعتبرونها كافية لتوفير الأموال اللازمة لإجراء الإصلاحات الاقتصادية لو تم استغلالها بشكل صحيح، وهي بالطبع حقيقة مؤكدة لا تقبل الجدال، ذلك أن بلادنا الحبيبة تمتلك الكثير من الموارد الاقتصادية بدءاً من الأراضي الزراعية الخصبة والشاسعة ووفرة المياه والثروة الحيوانية بالإضافة للمعادن النفيسة كالذهب وغيره، ولكن في ذات الوقت يعلم الجميع أن الحديث عن سيطرة الحكومة على كل الموارد المتاحة والاستفادة منها حديث غير دقيق ولو كان ذلك صحيحاً لما احتجنا للدعم الخارجي الذي هو شر لابد منه.
ورغم أهمية الحصول على الدعم الخارجي في هذا التوقيت لتسريع عملية الإصلاح الإقتصادي، إلا أنه يجب على الحكومة أن تهتم لضرورة السيطرة والتحكم في الموارد الذاتية من خلال رفع الجهد المالي والضريبي ومعالجةالتهر ب حسب ما جاء في موجهات موازنة 2021م بالإضافة لتحسين كفاءة تحصيل الإيرادات العامة وترشيد الصرف الحكومي والاستفادة من عائدات تصدير الذهب والصادرات الاخرى.
حتى الآن لايبدو أن وزارة المالية تقدم أداءً مختلفاً من حيث الكفاءة مقارنةً بالسابق لسبب بسيط وهو أنه لا أحد يعلم حقيقة الأداء الفعلي للموازنة العامة رغم إنقضاء أكثر من نصف العام المالي!!
نُطالب الحكومة بأن يكون لديها خطة واضحة لاستنهاض الموارد الذاتية والاستفادة منها في تقليل الإعتماد على الخارج لأن الدعم الخارجي الذي يكون متاحاً بشكل مباشر وفوري للدولة يتوفر من خلال قروض صندوق النقد الدولي والبنوك التجارية، والذي يُعتبر تمويل قصير الأجل نسبياً مقارنة بمنح وقروض البنك الدولي ومؤسساته، هذا علاوة على الفوائد المرتبطة بهذه القروض بالإضافة للجزاءات في حالة التأخر عن السداد في الآجال المحددة.
ينبغي على الحكومة أن تسعى بجد لإشراك المغتربين والجمهور بالداخل في جهود التنمية من خلال طرح سندات دين او صكوك طويلة الأجل، حتى يمكن الإستفادة من الدعم الخارجي في إستجلاب التقنيات والأنظمة الحديثة لتأهيل وتطوير قطاعات الصحة والتعليم والزراعة والصناعة وبذلك تكون الإضافة الحقيقية التي ستنهض باقتصاد البلاد.
بقلم:التاج بشير الجعفري