اننتظر عدالة من الجنائية الدولية؟
المحكمة الجنائية الدولية إحدى مؤسسات النظام العالمى القائم اصلا على أسس خاطئة ، فهو لايعطى اعتبارا لكثير من القواعد التى يشكل اهمالها اعتداء على الحقوق ، وبالتالي لايمكن عبرها تحقيق العدالة.
النظام العالمى القائم على سيطرة القوى الكبرى على كل شيئ ، وبالتالى هى وراء كل مظلمة تقع على المستضعفين ، ولايمكن ان ننتظر انصافا من هذه المؤسسات طالما ان النظام العدلى مختل من أساسه ، فحق الفيتو مثلا إحدى النقاط السوداء التى تلطخ وجه النظام العالمى ، وتقف حجر عثرة أمام تحقيق العدل والانصاف ، ولايمكن لمن يدافع عن هذا النظام ويعتبره حقا لايمكن أن يتحدث عن القيم والاخلاق وسيادة حكم القانون ، ولا يمكن للنظام الاساسى الحاكم على الأمم المتحدة ومؤسساتها المتخصصة ومنها المحكمة الجنائية الدولية ومنظمة الطاقة الذرية وغيرها من المنظمات الشبيهة ، لايمكن لهذه المؤسسات ان تتحدث عن الحقوق والحريات ، او تدافع عن الحقوق الاساسية للانسان ، فهى غارقة حتى النهاية فى التنكر لهذه المبادئ ، ومخالفة هذه القيم ، والا فكيف يمكننا قبول ماتجيزه هذه المؤسسات من قرارات ، وما يصدر عنها من أحكام لاتلتقى مع العدل والانصاف ، وإنما هى تعبير عن رغبات الكبار المستكبرين ، وتكريس لمطامعهم.
وقولنا هذا لايعنى انه لاخير مطلقا فى هذه المؤسسات ، او انها دوما فى الطريق الخاطئ ، ولايصح انتظار حق منها فليس الأمر كذلك ، لكنها حتما ليست مبراة من كل عيب ، ولابد من النظر إليها بكثير من الموضوعية.
من هذا التقييم وعبر هذا الباب نقرأ الخبر المتداول على صفحات الصحف والمواقع الإلكترونية ، ويتحدث عن استئناف المحكمة الجنائية الدولية محاكمة عبدالرحمن كوشيب بلاهاي فى جلساتها يوم (امس) الاثنين ،
ومن المفترض ان تكون المحكمة قد استمعت لشهادة شاهد الادعاء السادس عشر ، ومن المقرر ان يتناول فى شهادته الهجوم الذي شنته الميليشيات على قرية الشاهد في فبراير 2004 ، ونزوحه مع اخرين الي مكجار ، حيث تعرضوا للتعذيب ونهبت ممتلكاتهم ، وبأوامر من عبدالرحمن كوشيب اعتقلوا في مكجار ، ويزعم انهم تعرضوا للتعذيب وتم إعدام بعض منهم ، وعثر على مقبرة جماعية خارج مكجار في أبريل 2004.
لسنا هنا فى معرض تقييم شهادة الشاهد ، ولا الحديث عن الظروف التى تم فيها تحديد الشهود ، ولا تسجيل شهاداتهم ، ولا نريد الحديث أيضا عن الجرائم التى وقعت فى تلك الفترة ، سواء فى هذه المنطقة المحددة او فى عموم الإقليم ، فلا خلاف قط فى وقوع تجاوزات وارتكاب جرائم وانتهاكات ، ومن هذه المنصة نعلن تضامننا التام مع الضحايا وعموم ضحايا النزاعات التى شهدها الإقليم والبلد ككل ، ونؤكد على مطلبنا المستمر ، وهو أهمية جلاء الحقيقة ، وانصاف الضحايا بتوقيف المجرمين ، وان تطبق عليهم العقوبة التى يستحقونها ، كل هذا واضح ولا مجال لأى خلاف حوله ، لكن نتساءل عن الآليات التى يتم بها تحقيق العدالة ، فهل المحكمة الجنائية الدولية ساحة مامونة للتحقيق والمحاكمة؟ وهل النظام العدلى المتبع كفيل بتحديد المجرمين وتوقيع العقوبات عليهم؟
لايمكن لأى عاقل ان يثق فى نظام يرعاه مجلس الأمن وهو المؤسسة المعطوبة اساسا ، وفى داخلها يكمن الداء ، فكيف ننتظر تحقيق عدالة من مؤسسات عرجاء قامت اصلا على نظام معطوب؟
لاعدالة ترتجى من الظالمين وداعميهم.
سليمان منصور