هو يعتقد ان الذكاء والتعليم مشاعان لجميع الناس ويمكن اكتسابهما لدى جميع البشر في جميع الامم وفي كل الاوقات ، ولكن الخلق التي تتصف بها أمة دون غيرها ، هي الطبعة الخاصة بها التي تميزها عن بقية الامم ، وهي التي تحدد درجة تقدم هذه الأمة او تأخرها.
الخلق التي تتمتع بها الأمة الأوربية والتي جعلتها في مقدمة العالم هي ليست ذاتها الخلق المتوفرة لدى الاسبويين ، ولا تلك التي لدى الأفارقة ، هكذا يعتقد لوبون ، ولهذا يصنف الامم إلى عليا ، وسطى ودنيا.
يمتاز الاوربيون حسب لوبون ، بالنشاط والعناد لتحقيق الاهداف ، وهي صفة منطبعة واصيلة في نفوسهم ، جاءت إليهم عبر الوراثة عبر قرون وقرون من الاجداد والاباء ، ولم يكتسبوها بالتعليم او الذكاء ، هذه الخلق وغيرها هي التي جعلت الأمة الأوربية أمة عليا .
تأخر الأمة الافريقية بين ركب الامم ناتج عن وجود خلق متوارثة عبر الاجيال تبدو معاكسة او غير مشابهة لما تحمله جينات الاوربيين ، هكذا يفترض لوبون ، مما جعله يصنف الأفارقة كأمة دنيا.
بغض النظر عن صحة او عدم صحة التوصيف الفلسفي للأمم الذي ذكره لوبون ، إلا أن الواقع الراهن يثبت ان اوربا في درجة متقدمة جدا علي افريقيا.
أزمة انحطاط افريقيا وتقدم الغرب ، ظلت محل سؤال مستمر في اذهان الجميع ، وهو سؤال مؤرق ومتعب ، اذ كيف تفشل أمة كاملة كالافارقة في ابداع حضارة متقدمة كالتي في اوربا؟ .
هذا السؤال يمكن تصغيره للبحث عن أزمة انحطاط السودان كدولة افريقية في ظل تقدم دولة اوربية مثل اسبانيا .
لماذا يتأخر السودان؟
لماذا أمتنا في مؤخرة الامم المتقدمة؟
ما السبب وراء ذلك؟
هذه الأسئلة بالتأكيد جالت بخاطر كل سوداني ، وارقت الكثيرين ، وحاول الكثيرون الإجابة عليها سواء من منظور سياسي او اجتماعي او اقتصادي او ثقافي او الخ.
الخلق التي يتحدث عنها غوستاف لوبون لكي تكتسبها الأمة تحتاج لوقت طويل ، تحتاج لأدوات تمكن الجماهير من تغيير طبيعتها ومشاعرها وجيناتها الموروثة بالفطرة وصناعة طبعة مختلفة من الشعوب .
ثورة ديسمبر هي احدي هذه الأدوات التي يمكن أن تغير في خلق الامة السودانية ، هي ليست فرصة لتغيير نظام الحكم فقط ، وانما هي فرصة لتغيير طبعة الأمة وجيناتها ، وصناعة أمة سودانية قادرة على صناعة التقدم.