نرحب بالانتخابات ومستعدون لخوضها في أي وقت.. ولكن (…)!
تأزم الأوضاع سببه القرار المتهور باستلام السلطة من قبل الجانب العسكري!
حمل رئيس اللجنة السياسية بحزب الأمة القومي إمام الحلو، المكون العسكري مسؤولية ما يجري من عدم استقرار بالبلاد واصفاً قراره باستلام السلطة بالـ”متهور” في وقت أكد فيه استمرار العمل في مبادرة خارطة الطريق التي طرحها حزبه، وقال الحلو في حوار مع (اليوم التالي) إنها وجدت تجاوباً كبيراً من القوى السياسية الحية.
وأضاف الحلو أن حزبه مُتماسك حول دستوره ونهجه الديموقراطي ويعمل مع القوى الحية لإسقاط السلطة الانقلابية، وشدد على إعداد مبكر وجيد للانتخابات لافتاً أن حزب الأمة لديه خبرات في مقاومة النظم الشمولية وخوض الانتخابات، كما عرض لقضايا أخرى حول المشهد السياسي وحزب الأمة القومي، فإلى مضابط الحوار..
حوار: إبراهيم عبد الرازق
* ما هي رؤيتكم حول المشهد السياسي الحالي، تتريس وانتشار أمني كثيف، وتعطل كثير من المؤسسات والمصالح الحكومية، إلى أي شيء سينتهي السيناريو؟
المشهد السياسي الحالي، يعبر عن وضع محتقن أمنياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وهو نتيجة مباشرة إلى القرار المتهور باستلام السلطة بانقلاب عسكري في 25 أكتوبر الماضي.. كانت المرحلة الانتقالية في فترتها الأولى تعاني من صعوبات وتحديات عديدة ومتنوعة، وكذلك كان هنالك مجهود وطني لمعالجة هذه الصعوبات وإن كانت متعثرة إلا أنها كانت تتقدم نحو تحقيق مهام المرحلة الانتقالية المتفق عليها في الوثيقة الدستورية.
هذا الوضع الانقلابي أغلق الباب أمام استكمال المجهودات لتحقيق السلام الشامل، وكذلك أوقف مهمة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو.. نظام الإنقاذ البائد.. وأوصد الباب أمام السعي للعودة والانضمام للأسرة الدولية ورفع العقوبات والحصار الدولي على السودان وبالتالي أوقف وصول أي مساعدات وعطّل استحقاق إعفاء ديون متراكمة بموجب اتفاقات دولية وغيرها من المبادرات الإنسانية العالمية.
* ماذا لو نجحت السلطات في تعيين حكومة وأوفت بوعدها بتسليم السلطة؟
لن تنجح فما بني على باطل فهو باطل، هنالك الشوارع التي لا تهدأ ولا تنسى دماء الشهداء، واتضح فشل ذريع للسلطة الانقلابية الغادرة في كافة المجالات، وانكشفت عن محاولات يائسة لإعادة سدنة نظام الإنقاذ البائد في مفاصل السلطة بعد أن تم تجريدهم منها بانتصار ثورة ديسمبر المجيدة.
* ناشطون تحدثوا عن ثورة جديدة رداً على الجانب العسكري في قوله إنه يسعى لتصحيح مسار ثورة ديسمبر؟
هذا صحيح، الآن اندلعت ثورة جديدة ضد انقلاب 25 أكتوبر.. شعاراتها اختلفت عن شعارات ثورة ديسمبر المجيدة، وأهم أهدافها: رفض حكم العسكر نهائياً، إقامة نظام حكم مدني، القصاص ومحاسبة قتلة المحتجين والمتظاهرين من الشباب الثائر، وهذه الثورة مستمرة إلى أن تحقق هذه الأهداف النبيلة، كذلك هذه الثورة الجديدة تمددت في جسم الأجيال الناشئة فتجد الأطفال في المتاريس ينشدون أهازيج الثورة بثبات وإيمان عميق.. هذه قوة معنوية شديدة البأس لن تستطيع أدوات النظام الجبرية في قمعها والتأثير عليها، ولا مناص من أن يتنحى قادة الانقلاب وتسليم السلطة للقوى المدنية المعارضة للنظام العسكري، أو أن تستمر الثورة حتى اقتلاع أركان السلطة الانقلابية.
* على صعيد الأمة القومي بعد وفاة رئيس الحزب يوجد عدم تماسك داخل الحزب ينذر بخلافات وهي خطيرة على مستقبل الحزب ما هي توقعاتك؟
من الطبيعي أن تبدو على الحزب حالة من عدم التماسك في البرهة الأولى.. بعد غياب زعيمه التاريخي المفاجئ، وهي ظاهرة معروفة خاصة على مستوى التنظيمات السياسية التي تكون تحت قيادة كاريزمية لها بعد روحي كما كانت قيادة الحبيب الإمام الصادق عليه الرضوان.
* يتهمون حزبكم، بثلاثة تيارات، من بينها ربما من هو غير راضٍ عن القيادة المركزية والقرارات الأخيرة لها؟
أمر طبيعي، فالسياسة تقوم على تعددية الآراء ودائماً ما يكون الجدل حول الفكرة، لكن الديموقراطية هي الحاكم والفيصل داخلها، والحزب لديه مؤسسات راسخة على مستوى المركز والولايات، فإن كافة المؤسسات الدستورية المركزية والولائية واصلت مهامها بشكل طبيعي، وتوافقت مؤسسة الرئاسة على استمرار مهامها بشكل جماعي وتكليف نائب الرئيس الحبيب اللواء فضل الله برمة ناصر رئيساً مكلفاً إلى حين انعقاد المؤتمر العام الثامن وهو محل انتخاب رئيس الحزب دستورياً، وكذلك واصلت المؤسسات التنفيذية مهامها وعلى مستوى القرارات السياسية تولى مجلس التنسيق وهو مجلس يضم رؤساء الأجهزة ونوابهم يتولى اتخاذ القرارات في الحالات الطارئة حين تعذر اجتماع المكتب السياسي، والمكتب السياسي ما زال هو محل إصدار القرارات السياسية وتحديد وجهة الحزب ومواقفه تجاه كافة الأحداث الوطنية والتطورات في السياسة الخارجية، وتجد أن كل القيادات ملتزمة بقرارات المكتب السياسي وتوجيهاته بما في ذلك الأجهزة الولائية كما المركزية.
وما يبدر من تضارب في بعض تصريحات القيادات حول بعض المواقف لا يعدو أن يكون اجتهاداً في كيفية التعبير عن موقف الحزب الرسمي والمعلن والمتفق عليه، ولا تجد أياً من القيادات من يعلن اعتراضه على قرار من قرارات المكتب السياسي أو اتخاذ موقف مغاير لذلك.
* مبادرتكم لخريطة الطريق لم تجد الصدى كما كان في عهد الإمام الصادق لماذا برأيك؟
خريطة الطريق هي مبادرة من الحزب تجاه فك الاحتقان الذي ضرب البلاد عقب انقلاب 25 أكتوبر عبر الانتقال لمربع جديد يتجاوز مربع الانقلاب ومربع ما قبل الانقلاب. وهي تهدف إلى الوصول إلى موقف جامع قدر المستطاع لكافة القوى المدنية المعنية بإكمال مهام المرحلة الانتقالية بنجاح وذلك عبر مائدة مستديرة تجمع كل من له إسهام في هذا الأمر.. ومن ثم البحث لتحقيقها عبر القدرة التفاوضية المؤمنة بالضمان الخارجي.. وهو أمر مؤسف أن نصل إلى مثل هذه الحلول الخارجية ذات الدلالة القوية باتساع رقعة عدم الثقة بين المكون المدني والمكون العسكري وشبه العسكري.
* ما النتيجة المرجوة من مبادرتكم خارطة الطريق؟
خريطة الطريق وجدت تجاوباً واستيعاباً من معظم القوى المدنية والمجتمعية المعنية وما زالت لجانها تعمل بثقة وهدوء تفادياً للزخم الإعلامي في مرحلتها هذه، تجنباً من استهدافها من قوى الردة التي تعمل على قطع الطريق على إجماع وتوحيد القوى المدنية والمجتمعية والسياسية.
لقد كان نهج الحزب دوما ًفي التعامل مع الأنظمة الدكتاتورية العسكرية هو العمل على إحداث التغيير الشامل عبر مرحلة أولية هي اقتلاع النظام، ثم إحكام مرحلة انتقالية ذات جدوى للانتقال إلى نظام مدني ديمقراطي يقوم على احترام حقوق الإنسان الخمسة كما رددها الإمام الصادق عليه الرضوان (الكرامة والحرية والعدالة والمساواة والسلام)، ويقوم على معايير الحكم الراشد (الشفافية والمساءلة والمشاركة وسيادة حكم القانون).. هذه هي روح خريطة الطريق المعلنة.. في القضايا الرئيسية الثلاثة عشر المضمنة فيها.
* هل تتوقعون تجاوب القوى الثورية الحية، لأن بعضها يتحفظ على أمور تتعلق بالحزب، وتحديداً الشارع؟
وحتى الآن هناك أوراق منبثقة منها بالاتفاق من خلال لقاءات مثمرة مع قوى رئيسية كقوى الحرية والتغيير ومجموعات شبابية ونسوية وتجمعات فكرية وثقافية. وآمل أن يتم التوصل إلى انعقاد المائدة المستديرة قريباً لإحداث الاختراق المنشود والانتقال إلى المربع الجديد في أقرب وقت، ولعله من الضروري أن يحث الحزب الخطى نحو إنجاز المائدة المستديرة بالسرعة اللازمة وبعدها يكون الأمر بيد كافة القوى المشاركة فيها.
* مشاركتكم في الحكومة السابقة صحبتها انتقادات عديدة، ما ظلال ذلك؟
لا أعتقد أن هناك شبهة عمالة أو موالاة للعسكر في تصريحات بعض قيادات الحزب حول مشاركتنا في الحكومة السابقة التهجم على المدنيين واتهامهم باللهث وراء المناصب، خاصة إن كان التصريح ورد خارج السياق المعني، أما إن كان يعني ما قال فإنه يكون غير موفق في ذلك، لأنه يبدو كأنما يعبر عن لسان حال الانقلابيين في تبرير انقلابهم بتكالب بعض قوى الحرية والتغيير على السلطة وإقصاء الآخرين، وهي فرية افتراها العسكر الانقلابيون وتلقفتها ما يعرف بجماعة القصر، ولا أعتقد أنه يشمل في اتهامه وزراء حزب الأمة المشاركين في الوزارة الأخيرة، لأنه يعلم كما يعلم الآخرون أن الحزب لم يكن حريصاً على التوزير، فإن كان قال ذلك فإنه لا يليق، ومثل هذه الملاحظات تعالج داخل مؤسسات الحزب بالحسم اللازم. وفق المبادئ والقيم التي يتبناها الحزب وجماهيره.
* ما هو رأيكم في الحديث المتواتر عن انتخابات مبكرة كما جاء في بعض مقترحات المبادرات وأن هناك قوى سياسية كثيرة لا ترغب في الانتخابات؟
الانتخابات العامة هي مآل كل العملية الديمقراطية التي نسعى لتحقيقها بإكمال مهام المرحلة الانتقالية، وهي المعبر للشرعية الدستورية التي تتحقق باستعادة الشعب لسلطته وحقه في اختيار من يراه مناسباً لإدارة شؤون البلاد.
ونحن في حزب الأمة لنا خبرة طويلة وتجارب واسعة في خوض الانتخابات، ولا شك أنك تعلم أننا نرحب بإجراء الانتخابات العامة ولا نخشى خوضها في أي وقت.. ولكن نحن نرى مع آخرين أن هناك استحقاقات واجبة الإيفاء بها قبل الدخول في العملية الانتخابية.. أولها تشكيل مفوضية انتخابات مستقلة بعد وضع قانون محكم لها.. وتقوم هي بوضع قانون الانتخابات والتعداد السكاني وتوزيع الدوائر والتهيئة الإعلامية والتأهيل والتدريب لفرق الإشراف .
إننا نأمل أن تكون الانتخابات القادمة بداية لعهد ديمقراطي راشد يحقق التقدم والتحديث والنماء لشعب ودولة السودان .
المصدر: اليوم التالي