اتفق خبراء اقتصاد، على أن انخفاض معدل التضخم في السودان لا يعكس الواقع الحقيقي للاقتصاد، لان اسعار كافة السلع ما زالت مرتفعة، والركود يسيطر على الانشطة التجارية، مؤكدين أن ما يحدث الان لا يعني انخفاض أسعار السلع وإنما يعني انخفاض معدل زيادة الأسعار.
وقال عدد من الخبراء، إنه من المفترض أن ينخفض هذا المعدل أكثر لان الحركة التجارية تعاني من ضعف حاد في معدل القوى الشرائية، ولكن مراكز القوة بما فيها الدولة نفسها يمكن ان تتحكم في معدلات التضخم، وفي معظم دول العالم يحاول السياسيون الذين يسيطرون على الحكومة التلاعب بالبيانات الاقتصادية لتحقيق مكاسب سياسية، من خلال المجموعة المهيمنة علة سلطة الحكم، وتعتمد درجة نجاحهم أو فشلهم على درجة حصانة الوكالة الإحصائية ضد الضغوط السياسية،.
مؤكدين أم هذا يعني أنه للحصول على بيانات موثوقة، يجب أن يكون الجهاز المركزي للإحصاء وكالة وطنية مستقلة متلازمة نقص الشفافية المؤسسية وشح مصداقية السياسيين المسؤولين وصناع القرار الاقتصادي، لا يعكس الثقة في أخبار التضخم وغيرها من تصريحات حكومة الانقلاب. وكان الجهاز المركزي للإحصاء، اعلن في تقريره الشهري الاخير انخفاض معدل التضخم السنوي خلال شهر نوفمبر، إلى 88.83% مقارنة بـ 102.6% في أكتوبر.
ويرى الخبير الاقتصادي عادل خلف الله ان اتباع الدولة السياسات الاقتصادية الخاطئة لتطبيق روشتة صندوق النقد الدولي حتى قبل الاعداد الجيد لاحتواء معظم اثارها التضخمية؛ أحدث اثارا سالبة على الاقتصاد وانخفاض التضخم، كما تظهر البيانات الرسمية غير حقيقية لانه عكس الواقع المعاش، فالحل يكمن في معالجة مشكلات الاقتصاد وليس كسر مقياس التضخم.
واشار خلف الله في حديث لـ(مداميك) الى ان الاقتصاد لم يتعافى من الأزمة الهيكلية لإستمرار سيطرة الطفيلية والعقلية الريعية على مفاصل الاقتصاد حيث اصبح الان التركيز على الذهب بدلا عن النفط كمصدر جديد للريع، بينما استمر تجاهل قطاعي الزراعة والصناعة ومازال نصيبهما في الموازنة متدن جدا بسبب ما يعانيه القطاع من اهمال الدولة. وقال ان تحرير المحروقات والكهرباء لتنفيذ روشتة صندوق النقد اضر بالاقتصاد، نسبةً لأن المحروقات تشكل العمود الفقري للأسعار.
بدورة أكد المحلل والباحث الاقتصادي د. هيثم فتحي، أن انخفاض التضخم نتيجة لارتفاع معدل الركود في الأسواق قياساً بأسعار الدولار، إلى جانب انخفاض دخل الأسر السودانية، ما أدى إلى خفض استهلاكها اليومي من السلع الضرورية.
واضاف أن الاقتصاد يعاني من مشاكل عديدة فهناك عرض كبير للسلع مقابل انخفاض في الطلب، فضلاً عن توقف حركة النقل بين المدن وداخلها، بخاصة العاصمة الخرطوم. واشار الى أن أسباب التضخم المالي في البلاد تعود إلى زيادة حجم الإصدار النقدي لتمويل عجز الموازنة، إضافة إلى نقص في الصادرات وزيادة حجم الاستيراد.
وأوضح أن التضخم يعرف بأنه ارتفاع في الأسعار وما ينتج من ذلك من تدهور في القوة الشرائية للنقود، فضلاً عن أنه يتسبب في زيادة الكتلة النقدية المتداولة، كما أن انخفاض معدل التضخم لا يعني بالضرورة تراجع أسعار السلع، لكنه يعني تراجعاً في الرقم القياسي لأسعار السلع الاستهلاكية.
والاسبوع الماضي كشفت تقارير دولية ان السودان احتل المركز الخامس عالميا لاعلى نعدل تضخم. ويعاني الاقتصاد من مشاكل وصعوبات منذ انقلاب 25 أكتوبر 2021 حيث تجمدت مساعدات المجتمع الدولي ومؤسسات التمويل الدولية والإقليمية
واوقفت مساعدات منح وقروض تفوق 4 مليار دولار، كما جمدت واشنطن 700 مليون دولار، وفقدت البلاد 40% من إيراداتها، الامر الذي جعل وزارة مالية الانقلاب تلجأ لزيادة الاعباء الضريبية، وجيب المواطن لمعالجة خلل الموازنة.
المصدر: الراكوبة