هيمنت الحملات الداعية إلى مقاطعة إسرائيل ومقاطعة الشركات الدولية الداعمة لها على شبكات التواصل الاجتماعي في العالم العربي، وسرعان ما تداول النشطاء والمستخدمون مقاطع لتأثير المقاطعة على بعض المطاعم والمنشآت في الدول العربية بعد أن عاقبها المستهلكون وأقفوا شراء منتجاتها.
واشتعلت حملات المقاطعة الداعية إلى عدم شراء منتجات الشركات الداعمة للاحتلال منذ الأيام الأولى للحرب على غزة، وبعد أن أعربت بعض الشركات الغربية عن دعمها العلني للاحتلال الإسرائيلي، حتى بلغ الأمر بسلسلة مطاعم أمريكية للوجبات السريعة إلى إعلانها تقديم وجبات مجانية لعناصر جيش الاحتلال.
وانتشرت حملات المقاطعة في العديد من الدول العربية، خاصة في مصر والمغرب ودول الخليج والأردن، حيث تسابق الكثير من المستخدمين والنشطاء إلى تصوير مقاطع الفيديو لفروع المطاعم الأمريكية في بلادهم لإظهار كيف تبدو خالية من الزبائن وحجم الاستجابة الواسعة لحملات مقاطعة ومعاقبة هذه الشركات.
ودعت اللجنة الوطنية الفلسطينية لمقاطعة إسرائيل عبر موقعها الإلكتروني إلى تعزيز حملات مقاطعة إسرائيل على كل الأصعدة، من مقاطعة البضائع الإسرائيلية إلى المقاطعة الأكاديمية، والثقافية، والفنية، والرياضية.
كما أكّدت ضرورة تصعيد مقاطعة الشركات «المتورطة في الاحتلال والأبارتهايد الإسرائيلي» وتكثيف حملات التصدي الشعبي لكل أشكال التطبيع، وأخطرها التنسيق الأمني والاقتصادي.
وسرعان ما تصدرت وسوم المقاطعة المختلفة قوائم الأكثر تداولاً والأوسع انتشاراً في العديد من الدول العربية خلال الأيام الماضية، واستهدفت هذه الحملات بشكل خاص الشركات التي أعلنت بشكل واضح وصريح دعمها للاحتلال في الحرب على غزة، مثل شركة «ماكدونالدز» التي تفاخرت بإرسال آلاف الوجبات المجانية لجنود الجيش الإسرائيلي كدعم لهم ومكافأة وتأييد على حربهم التي تستهدف الأطفال في قطاع غزة.
وكذلك سلسلة مقاهي «ستاربكس» الأمريكية التي أصدرت بياناً علنياً وواضحاً تدعم فيه إسرائيل، وذلك خلافاً لبيان أصدرته نقابة العاملين في سلسلة مقاهي «ستاربكس» أعلنوا فيه تضامنهم مع الفلسطينيين ورفضهم للعدوان الإسرائيلي الذي يستهدف غزة، وهو ما يعني أن «ستاربكس» خالفت إرادة العاملين فيها والزبائن في آن واحد من أجل أن تنحاز إلى إسرائيل.
حملة ضد «ماكدونالدز»
واشتعلت حملة مقاطعة سلسلة مطاعم الوجبات السريعة «ماكدونالدز» بعد أن أعلن فرعها الإسرائيلي على موقع «إنستغرام» أنه يقدم آلاف الوجبات المجانية للمستشفيات والقوات التابعة للجيش الإسرائيلي.
وأعلن حساب «ماكدونالدز» الإسرائيلي على وسائل التواصل الاجتماعي في وقت سابق أنه قام بشحن أربعة آلاف وجبة إلى الجنود الإسرائيليين، كما أعلن عن خصم 50 في المئة للجنود الإسرائيليين على المواد الغذائية الأخرى.
وكتبت «ماكدونالدز إسرائيل»: «تبرعنا بالأمس بالفعل بـ4000 وجبة للمستشفيات والوحدات العسكرية، ونعتزم التبرع بآلاف الوجبات يومياً للجنود في الميدان وفي مناطق التجنيد، وهذا يتجاوز الخصم بالنسبة للجنود القادمين إلى المطاعم».
وتصدر الهاشتاغ «#BoycottMcDonalds» قوائم الوسوم الأوسع انتشاراً والأكثر تداولاً على شبكة «إكس» (تويتر سابقاً) وذلك في العديد من الدول العربية والإسلامية، بما فيها باكستان وبنغلاديش ودول أخرى.
وتصاعدت وتيرة المقاطعة لهذه المطاعم على الرغم من إصدار بعض فروعها في الدول العربية بيانات تضامن مع الفلسطينيين ورفض لما فعله الفرع الإسرائيلي، حيث قالت «ماكدونالدز لبنان» في بيان لها إنها لا تتفق مع الموقف الذي اتخذته الامتيازات في بلدان أخرى، كما أصدرت فروع ماكدونالدز في عُمان والإمارات وتركيا والكويت بيانات داعمة لغزة.
وقالت شركة ماكدونالدز عُمان إنها تقف إلى جانب غزة، وأضافت أنها تبرعت بمبلغ 100 ألف دولار لصالح جهود الإغاثة للناس في غزة.
وفي الأردن ومصر تداول العديد من النشطاء والمستخدمين صوراً ومقاطع فيديو لفروع «ماكدونالدز» وهي خالية من الزبائن نتيجة الاستجابة لحملات المقاطعة، فيما نشر أحد النشطاء المصريين صورة لأحد فروع «ماكدونالدز» ويقف خارجه أحد النشطاء رافعاً العلم الفلسطيني، بينما يبدو المحل خالياً من الزبائن بشكل كامل، مؤكداً أن المؤيدين للشعب الفلسطيني والرافضين للاحتلال نجحوا في حملات المقاطعة التي نفذوها.
المنتجات المصرية
وسرعان ما صعد الهاشتاغ «المنتجات المصرية» إلى قائمة الوسوم الأوسع انتشاراً والأكثر تداولاً في مصر، حيث يطالب الناشطون بشراء المنتجات المصرية البديلة عن منتجات الدول الداعمة للاحتلال الإسرائيلي، وذلك في سياق حملات المقاطعة.
وانضمت نقابة المحامين المصرية للمقاطعة ودعت المواطنين إلى عدم الشراء من تلك الشركات، كما حاول الكثير من النشطاء لفت الأنظار إلى العلامات التجارية الأجنبية وبدائلها المحلية التي تُمكن المستهلكين من المقاطعة وتُسهل عليهم أمرها.
وقال أسامة سليمان، عضو الأمانة العامة لنقابة المحامين، إن «مجلس إدارة نقابة المحامين دعا إلى مقاطعة منتجات الشركات الداعمة لإسرائيل في حربها على غزة، للتأكيد على دعم الشعب المصري لأشقائه في فلسطين، والتنديد بالاعتداءات الوحشية الإسرائيلية، ورسالة للموقف المصري المعارض للحرب في غزة، والمؤيد لحل القضية الفلسطينية، والضغط دولياً على إسرائيل لوقف إطلاق النار على الفلسطينيين العزل» حسب ما نقلت عنه شبكة «سي إن إن» الأمريكية على موقعها الإلكتروني.
وفي بيان رسمي، أعلن عبدالحليم علام، نقيب المحامين المصريين، عزم النقابة «تحريك دعاوى قضائية أمام المحاكم وفي المحافل الدولية ضد جرائم إسرائيل في حق الشعب الفلسطيني».
وأيدت الكاتبة الصحافية فريدة الشوباشي، عضو مجلس النواب المصري، دعوات مقاطعة المنتجات المستوردة من كل الدول المساندة لإسرائيل، مضيفة أنه «يجب على الدول الداعمة لإسرائيل أن تنظر لحالة المدنيين الفلسطينيين العزل، والذي يتعرضون لقصف مستمر أدى إلى قتل وتشريد آلاف من الأطفال والشيوخ والسيدات الذين ليس لديهم صلة بالفصائل الفلسطينية».
حملة كويتية كبرى
وفي الكويت أطلق عدد من النشطاء حملة إلكترونية كبرى عززوها بإعلانات ضخمة في الشوارع تدعو لمقاطعة الشركات الداعمة للاحتلال الإسرائيلي.
وتحمل الحملة شعار: «هل قتلت اليوم فلسطينيا؟» في إشارة إلى أن شراء منتجات الشركات الداعمة للاحتلال الإسرائيلي يعني المساهمة في قتل الفلسطينيين.
واحتوت اللوحات الداعية إلى مقاطعة الشركات الداعمة للاحتلال الإسرائيلي، صوراً لعدد من الأطفال الفلسطينيين، ووقّعت بوسم «مقاطعون».
وعبّر الكثير من الناشطين الكويتيين على مواقع التواصل الاجتماعي عن دعمهم للحملة، مشيدين بهذه المبادرة، حيث كتبت المُدوّنة سارة الدريس، على حسابها في منصة «إكس»: «من يجرؤ أن يكون مثل الكويت؟ حملة هل قتلت فلسطينيا اليوم؟ دعوة لمقاطعة المنتجات الإسرائيلية الأمريكية، قاطع ما استطعت، لا تشترِ رصاصهم بأموالك، اتقوا المشاركة بقتل الأبرياء».
وأشارت آمنة الخطيم إلى افتخارها بالحملة الكويتية، وغردت: «نعم هذه هي الحملات الإعلانية التي نفخر بها، في بلدي الكويت مع فلسطين».
وكتب فيصل الهاجري: «جعل إيده ما تمسها النار كل من ساهم في وضع هذه الإعلانات» وأضاف: «نعم أنا كويتي أنا عقبة، ولن أكون شريكا بقتل أطفال فلسطين، وسأستمر في مقاطعة الشركات التي تدعم الكيان الصهيوني» فيما علق مشعل سيف العجمي بالقول: «نعلنها مقاطعة أبدية بإذن الله».
وغرد الإعلامي عبد الله العلي قائلاً: «هل قتلت اليوم فلسطينيا؟.. إعلانات تملأ شوارع الكويت لمقاطعة الشركات الداعمة للكيان الصهيوني.. حيا الله شعب ودولة الكويت».
ونشر أحد النشطاء الكويتيون مقطع فيديو يُظهر العديد من المنتجات التي توزعها شركات داعمة للاحتلال، وكتب معلقاً عليها: «يقتلون الأبرياء بأموالنا، نقطع عليهم الطريق ونحاربهم باقتصادهم.. ترى التاجر يموت على الفلس مايهون عليه، عوروهم بفلوسهم (أوجعوهم بأموالهم).. نعم للمقاطعة».
إلى ذلك، تصدر وسم «مقاطعة توبيز» قائمة الأكثر تداولًا على منصة «إكس» في الكويت، حيث أن «توبيز» هو مقهى معروف كتبت مديرته: «قتل الأبرياء من الفلسطينيين والإسرائيليين، على حدّ سواء، أمر مروّع». فرد عليها الكويتيون بمقاطعة المقهى على اعتبار أن هذا التصريح يشكّل انحيازاً لإسرائيل، ونتيجة لتصاعد زخم الحملة حذفت مديرة مقهى «توبيز» تغريدتها.
كما أطلق نشطاء عرب من المتضامنين مع الشعب الفلسطيني حملة لمقاطعة العلامة التجارية لعارضة الأزياء الأمريكية كايلي جنير في مجال المنتجات التجميلية، بعد نشرها صورة تدعم إسرائيل.
يشار إلى أن العديد من الخبراء الاقتصاديين يرون أن سلاح المقاطعة يمثل وسيلة مهمة جداً في الصراعات الدولية، وأن الولايات المتحدة والدول الغربية تستخدمانها بشكل فعال ضد الدول والحكومات التي تختلف سياساتها مع سياساتهم، ويعتبر هذا السلاح تطبيقاً للضغط الاقتصادي بهدف تحقيق أهداف سياسية.
ويقول الخبراء إن أهمية مقاطعة الشركات العالمية التجارية يعود إلى كونها شركات كبرى ومؤثرة في بلدانها التي تنحاز سياسياً إلى جانب إسرائيل، كما أن أصحاب حملات المقاطعة يؤكدون أن مقاطعة هذه المنتجات أمر ممكن وسهل لأنها غالباً ليست ضرورية، وبالتالي يمكن الاعتماد على بدائل لها في الأسواق المحلية. كما يرى الخبراء أن نجاح المقاطعة يتوقف على قدرة الدول على توفير بدائل محلية للمنتجات الغربية التي تغزو الأسواق العربية.
المصدر: القدس العربي