أكد رئيس الوزراء السوداني السابق عبدالله حمدوك وهو يقود تنسيقية القوى المدنية (تقدم)، مساء الأربعاء أنه أرسل لقائد الجيش الفريق الأول عبدالفتاح البرهان، دعوة لعقد اجتماع مباشر مع التنسيقية، حثا إياه إلى انتهاز الفرصة لإنهاء الحرب، بعدما نفى الجيش تلقيها في محاولة للتهرب من أي التزام قبل اجتماع إيغاد بجيبوتي.
وكان حمدوك قد أرسل في أواخر ديسمبر الماضي خطابين لكل من البرهان وقائد قوات الدعم السريع الفريق الأول محمد حمدان دقلو (حميدتي) للقاء القوى المدنية وبحث كيفية وضع حد للحرب الطاحنة.
ولم يصدر عن الجيش تعليق حيال هذه الدعوة، بينما سارع حميدتي على الفور لإبداء موافقته التي عززها بلقاء قادة التنسيقية في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا الاثنين، حيث توجت اللقاءات التي عقدت ليومين بالاتفاق على إعلان سياسي مشترك تضمن تفاهمات، من بينها تشكيل لجنة مشتركة لإنهاء الحرب.
وألمح نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار الأربعاء إلى رفض الاجتماع بالتنسيقية نافيا تسلم أي دعوة لعقد اجتماع كما وجه انتقادات لإعلان أديس أبابا قائلا إنه اتفاق بين شركاء وأن التنسيقية تمثل الحاضنة المعروفة لقوات الدعم السريع.
وردا على هذه التصريحات فيما يبدو قال حمدوك على منصة إكس “خاطبت القائد العام للقوات المسلحة السودانية لحثه على قبول طلب الاجتماع المباشر مع تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)”.
ودعاه لاغتنام الفرصة التي لاحت لإيقاف الحرب والتي تم التعبير عنها في إعلان أديس أبابا الموقع بين تقدم وقوات الدعم السريع، والذي أبدت فيه الدعم السريع استعدادها التام لوقف غير مشروط للعدائيات عبر تفاوض مباشر مع القوات المسلحة.
وأضاف حمدوك “هذه الفرصة للسلام يجب ألا نضيعها وأن نعمل وسعنا لوقف الحرب وبناء سلام مستدام في بلادنا الحبيبة”.
وتابع “نمد أيادينا نظيفة من غير سوء للوصول لحل سلمي تفاوضي ونأمل أن تستجيب الأطراف المتقاتلة لذلك حتى نرفع المعاناة عن كاهل شعبنا ونبني وطننا على أساس جديد يجعل حرب 15 أبريل آخر حروب السودان، ليعقبها سلام مستدام”.
ويرى مراقبون أن نفي الجيش تلقيه أي دعوة من حمدوك وانتقاده للإعلان السياسي في أديس أبابا يعكس رغبة البرهان والأطراف المتحالفة من المؤتمر الوطني والإسلاميين في إطالة أمد الصراع لضمان البقاء في السلطة وإفشال عملية التحول الديمقراطي.
والثلاثاء قال قائد قوات الدعم السريع إن مستعد لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار عبر التفاوض مع الجيش، بعد أن توقيعه إعلانا مع تحالف “تقدم” المدني ودعا الجيش إلى أن يحذو حذوه.
وتدور الحرب منذ 9 أشهر في السودان، الذي يواجه الآن أكبر أزمة نزوح في العالم، ودمرت الحرب بنيته التحتية وأثارت تحذيرات من مجاعة وشيكة.
ولم تتمخض محاولات إنهاء الصراع من خلال مفاوضات بقيادة السعودية والولايات المتحدة عن شيء حتى الآن، ولم يحترم طرفاه الاتفاقات السابقة لحماية المدنيين.
وقال حميدتي عن الإعلان الذي يتضمن أيضا التزاما بالإفراج عن 451 من أسرى الحرب، وإنشاء ممرات آمنة وإشراك المدنيين في محادثات السلام “لو الجيش قدم نفس الوثيقة هذه، أنا سأوقعها الآن”.
ويعتقد المراقبون أن دقلو، وإن بدا حريصا على تحقيق السلام، فإنه سيمضي قدما في المسار العسكري في حال ظل البرهان على موقفه من إنهاء الحرب.
وقال حمدوك الذي يرتبط بعلاقات جيدة مع قادة القوى المدنية في السودان “لسنا الدولة الوحيدة التي تتعرض لتجربة حرب، ولكن الشعوب الحية هي التي تحول الكوارث إلى فرص لصناعة مستقبل باهر، لذلك أجدد دعوتي إلى قيادة القوات المسلحة للقاء عاجل نتدبر فيه سبل وقف الحرب وإنقاذ بلادنا من التفتت”.
وعبّر عن سعادته بالتوصل إلى إعلان في أديس أبابا مع قوات الدعم السريع، قائلا إن “نتائجه ستعيننا حتما في مساعي وقف الحرب، مشيرا إلى أنه “تضمن نتائج طيبة ستعيننا حتما في مساعى وقف الحرب والتأسيس لدولة سودانية ديمقراطية يعيش فيه أبناؤنا في أمان وعز وكرامة”.
ولفت إلى أن أهم نتائج اجتماعه بأديس أبابا الاستعداد التام لقوات الدعم السريع لوقف فوري غير مشروط لإطلاق النار وتدابير حماية المدنيين وتسهيل عودة المواطنين إلى منازلهم وإيصال العون الإنساني والتعاون مع لجنة تقصي الحقائق فضلا عن الاتفاق على إعلان المبادئ وخارطة الطريق المقترحين من تقدم”.
وأفاد حمدوك بأنه خلال اجتماعاته مع قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو عقد نقاشا سودانيا صريحا حول الحرب العبثية وآثارها الكارثية وما يتعرض له المدنيون من ويلات في كل أنحاء الوطن.
وتأتي دعوة حمدوك المتجددة للبرهان بينما حل حميدتي الأربعاء ضيفا على كينيا في رابع محطة له ضمن جولة في شرق أفريقيا حيث تتكثف الجهود الدبلوماسية لإجراء مفاوضات سلام.
واستقبل الرئيس الكيني وليام روتو قائد قوات الدعم السريع، مشيدا في منشور على حسابه بمنصة إكس بـ”التزام حميدتي بإنهاء النزاع في السودان عبر الحوار”، مضيفا أن “المحادثات الجارية التي تقودها الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا (إيغاد) يجب أن تفضي إلى تسوية سياسية تتيح تحقيق السلام الدائم في البلاد”.
وقال حميدتي، إن المناقشات مع روتو ركزت على آخر التطورات في السودان “ودراسة الأسباب الجذرية للحرب وإيجاد حلول للتخفيف من الأزمة ومن معاناة شعبنا”، مضيفا عبر حسابه على منصة إكس “لقد عرضت إستراتيجيتنا لوقف الأعمال العدائية وبدء المفاوضات للتوصل إلى حل شامل”.
وأضاف “ناقشت معه التطورات الجارية في السودان وأسباب نشوب الحرب وسبل التوصل إلى حل للأزمة يرفع المعاناة عن كاهل شعبنا. طرحت لفخامته رؤيتنا لوقف إطلاق النار وبدء التفاوض للوصول للحل الشامل الذي يحقق السلام العادل والدائم في البلاد. شكرته على الجهود الكبيرة التي تبذلها كينيا ودول الإيغاد لإنهاء الحرب وأخرها اجتماع رؤساء الإيغاد في جيبوتي الذي رحبنا به وأكدنا التزامنا بمخرجاته. لمست تفهماً ورغبة من رئيس جمهورية كينيا للعمل مع جميع الأطراف لإيجاد مخرج للأزمة يعيد الآمن والاستقرار للسودان.
والخميس التقى حميدتي بالعاصمة الكينية نيروبي بسلطان دارفور أحمد أيوب علي دينار، حيث أكد على “أهمية دور قادة ورموز المجتمع السوداني في الحفاظ على وحدة وتماسك شعبنا”.
وقال عبر منصة إكس “نتطلع إلى تنسيق الجهود والعمل المشترك من أجل تخفيف معاناة أهلنا في جميع مناطق السودان وخاصة في دارفور وصولا الى استدامة الامن والسلام والاستقرار”.
وأضاف “نثمن المواقف المشرفة للسلطان أحمد أيوب علي دينار وجميع زعماء الإدارة الاهلية الوطنيين الذين وقفوا في الحياد ونبذوا الحرب وانصرفوا الى مساندة ودعم مجتمعاتهم خلال هذه الفترة”.
ووصل حميدتي، إلى كينيا، ضمن جولة شملت أوغندا وإثيوبيا وجيبوتي، وجميعها دول أعضاء في منظومة إيغاد التي تتوسط لجمع قائدي الجيش والدعم السريع من أجل حثهما على إنهاء القتال الضاري في السودان.
و”إيغاد”، منظمة حكومية أفريقية شبه إقليمية، تأسست في 1996، تتخذ من جيبوتي مقرا لها، وتضم دولا من شرق أفريقيا، تتمثل في: إثيوبيا وكينيا، وأوغندا، والصومال، وجيبوتي، وإريتريا، والسودان، وجنوب السودان.
والأربعاء، أعلنت الخرطوم، أن جيبوتي أبلغتها بتأجيل لقاء البرهان، مع قائد قوات الدعم السريع إلى يناير المقبل، وذلك بعد تعذر لقاء الطرفين المزمع بالعاصمة جيبوتي، الخميس الماضي، لوضع حد لحرب اندلعت بين الجانبين منذ أبريل الماضي.
ومنذ منتصف أبريل 2023، يخوض الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع شبه العسكرية، حربا خلَّفت أكثر من 12 ألف قتيل وأكثر من 6 ملايين نازح ولاجئ وفق الأمم المتحدة.
وميدانيا، اشتد القصف المدفعي بين الجانبين في الخرطوم في الأيام القليلة الماضية.
واتهمت واشنطن الجيش السوداني الذي نفذ ضربات جوية واسعة النطاق، بارتكاب “جرائم حرب”، وهو ما ينفيه.
المصدر: العرب