ربط رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك تشكيل حكومته الجديدة من الكفاءات الوطنية (التكنوقراط) التي اتفق عليها مع البرهان، بإيجاد سند سياسي وشعبي كي لا تكون معزولة عن الشارع السوداني. وهو ما يسعى إليه فريق من القوى السياسية بالوصول إلى ميثاق سياسي جديد يعيد الشراكة مجدداً بين المكونين المدني والعسكري بموجب الوثيقة الدستورية.
وبحسب عضو “لجان مقاومة شرق النيل”، سامي عبد الرازق، فإن “مليونيات ديسمبر تحمل شعاراً واحداً هو لا شراكة لا تفاوض ولا شرعية مع العسكر”. ويقول “لقد ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن لا عهد مع العسكر، وأن الحكم العسكري الذي امتد لـ 52 عاماً منذ استقلال السودان في 1956 كان وبالاً على البلاد اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً، لذلك لا مجال للشراكة مع المكون العسكري مهما كلف الأمر من ثمن، فشباب الثورة مستعدون للتضحية بدمائهم من أجل استعادة دولة القانون والحريات كي يعيش الإنسان السوداني عزيزاً مكرماً في بلاده”.
وأضاف عبد الرازق، “مهما حاول العسكريون جرنا نحو العنف فلن نحيد عن سلمية الثورة التي هي شعارنا الذي ظللنا نتمسك به منذ انطلاق هذه الثورة، إذ استخدمت الأجهزة الأمنية آنذاك كل وسائل العنف بإطلاق الرصاص الحي والقنابل الصوتية والغاز المسيل للدموع، فضلاً عن الضرب والتعذيب في المعتقلات، لكن بالإرادة والعزيمة تمكنا من إطاحة نظام البشير الذي تمكن بجبروته من حكم السودان لمدة ثلاثة عقود، والآن نعتقد أن المشوار ليس سهلاً للوصول إلى نهاية النفق، فالتحديات كبيرة وندرك أن سقف مطالبنا عال، إلا أننا عازمون على تحقيق هدفنا باقتلاع العسكر من السلطة”.
برنامج تصعيدي
وتتابع هذه المسيرات برنامج التصعيد الذي أعدته تنسيقيات “لجان المقاومة” و”تجمع المهنيين السودانيين” اللذين يقودان هذا الحراك لشهر ديسمبر الحالي، ضد إجراءات البرهان التي أعلنها في 25 أكتوبر، وما تلاها من الاتفاق الذي أبرمه الأخير مع حمدوك، والذي عاد بموجبه إلى منصبه رئيساً للوزراء بشرط تشكيل حكومة جديدة من الكفاءات.
وتضمن البرنامج التصعيدي لشهر ديسمبر تنظيم خمس مسيرات بدأت أولها في السادس من ديسمبر، والثانية الاثنين 13 من ديسمبر، والبقية أيام 19 و25 و30 من ديسمبر الحالي، للتنديد بالانقلاب العسكري والمطالبة بإزالة المكون العسكري من الحكم وتسليم السلطة كاملة للمدنيين، فضلاً عن المطالبة بالقصاص لقتلى الثورة، إذ سقط حتى الآن منذ تفجر الأوضاع بعد قرارات البرهان الأخيرة 44 قتيلاً بحسب اللجنة المركزية لنقابة أطباء السودان.
إعلان سياسي
وتنخرط هذه الأيام بعض القوى السياسية في مناقشة مسودة مبدئية للإعلان السياسي الجديد الذي ينص على الشراكة بين المكونين المدني والعسكري وشركاء السلام، الذي اعتبر الوثيقة الدستورية الموقعة في 17 أغسطس (آب) 2019 المرجعية الأساسية له.
ويهدف هذا الإعلان، الذي يتضمن 12 بنداً، إلى دعم الحكومة الانتقالية التي من المنتظر أن يشكلها حمدوك من الكفاءات الوطنية المستقلة للاضطلاع بالمهمات المتبقية من عمر الفترة الانتقالية المقرر انتهاؤها في يوليو (تموز) 2023. وهي تنفيذ اتفاق جوبا للسلام ومعالجة الاختلالات المصاحبة للمسارات والعمل على استكماله بالوصول إلى اتفاق مع بقية قوى الكفاح المسلح ممن لم توقع مع السلطة الانتقالية على اتفاق سلام بعد، والعمل على مخاطبة جذور المشكلة السودانية التي أدت إلى الحروب الأهلية ومعالجة آثارها بما في ذلك إعادة النازحين واللاجئين طوعاً إلى مواطنهم الأصلية ضماناً لمشاركتهم في المؤتمر الدستوري والعملية الانتخابية، فضلاً عن تعويض المتضررين بشكل عادل وناجز، والقيام بترتيبات أمنية نهائية من شأنها ترسيخ سلام عادل وشامل…الجديدة..
إندبندنت عربية