يا أحزاب::: بالرغم من التصدعات التي تشهدها قوى الحرية والتغيير لم يتوقع أحد أن حصيلة الاجتماعات التي إلتأمت بدار الأمة منذ ثاني أيام حرب بيانات بين المجلس المركزي واللجنة الفنية التي شكلت من رحم الاجتماعات لبلورة رؤى الاصلاح.
صحيح أن (قحت) مقسمة لمجموعات أبرزها المجموعة المشاركة في الحكم (البعث – المؤتمر السوداني – تجمع الاتحاديين) فضلاً عن حزب الأمة الذي يعتبر حليفاً لهذه المجموعة في اطار الشراكة وإن كان قد جمد عضويته بالمجلس المركزي.
وفي المقابل هناك مجموعة أخرى ترى أنها (هُمشت) وأبعدت عمداً وهذه تضغط من أجل العودة مرة أخرى علها تجد حظوظها من المشاركة ومنها (حزب البعث السوداني) ، أما المجموعة التي انسلخت من (قحت) ورهنت الاصلاح باسقاط قوى الهبوط الناعم فهذه يمثلها الحزب الشيوعي والاجسام المطلبية.
والسؤال الذي يطرح نفسه هل الزخم والتأييد الواسع الذي حظيت به قوى الحرية والتغيير بمختلف مجموعاتها في بداياتها هو ذات التأييد الجماهيري الآن؟ الإجابة لاتحتاج لسبر أغوار أو بحث مضني للوصول إليها وهي ..لا؟ وهذا يجعل هناك سؤالاً آخر يرفع عقيرته لماذا؟
ببساطة لأن الأوضاع الاقتصادية ما بعد الثورة باتت متدهورة وليست على ما يرام ولم يعد الأمر فقط في ارتفاع أسعار السلع وتصاعدها بشكل يومي ، بل ما زالت هناك ندرة حتى في (البندول) ، ناهيك عن القطوعات المستمرة في الكهرباء.
يا أحزاب::: وفي المقابل ليس أمام رئيس الوزراء غير السير في السياسات الاقتصادية التي تتماشى مع روشتة البنك الدولي وصندوق النقد ، فحتى اعفاء الديون مرتبط لحد كبير بالإلتزام باشتراطات هذه المؤسسات، ولعل تصريح وزير المالية أمس يشير إلى ذلك ، فجبريل كشف بوضوح مطالبة صندوق النقد لهم برفع الدعم عن السلع.
يا أحزاب::: ومن الواضح جداً أن حكومة حمدوك (معلقة من رقبتا في روشتة الصندوق)، وإذا حاولت القفز من هذا الاطار فإنها ستصدم مع المجتمع الدولي من جديد ، وهذا ليس في الحسبان ، وعليه ستدفع قوى والتغيير مجتمعة ثمن هذا الموقف الذي سيفقدها كثير من الجماهير الى حين اكمال الاصلاح الاقتصادي (المؤلم) .
وبدلاً من أن تلتفت الحاضنة السياسية للتحدي القادم ، هاهي ترواح مكانها وتبدأ المرحلة الثانية من تخوين مكوناتها بعضها البعض ، غير آبهة بالاستفتاءات التي تحدث لها حتى في منازل الشهداء ، فالثوار ولجان المقاومة عندما هتفوا في وجه صديق الصادق وميرفت حمد النيل (يا أحزاب كفاية خراب) لم يقصدوهم في شخوصهم ولكن يريدون إرسال رسالة بأنهم فقدوا الثقة في قوى الحرية والتغيير التي فوضوها لادارة شؤون البلاد.
من المؤكد أن الشارع لن ينحاز مرة أخرى للمؤتمر الوطني المحلول وهذه هي قناعته الراسخة ، ولكنه سيبحث عن بدائل ولن يرضى بالاوضاع الحالية ، وبالتالي على قوى الحرية والتغيير الاستفادة من فرصتها الأخيرة والقيام بمهامها كحاضنة سياسية وإلا ستستمر في خسارة رصيدها في الشارع ولن يهتف بعض لجان المقاومة وحدهم (يا أحزاب كفاية خراب).
الجريدة