في لقاء إذاعي مطول مع راديو دبنقا يذاع يوم الثلاثاء 28 نوفمبر 2023 أجاب حاكم إقليم دارفور مني اركو مناوي على عدد من الأسئلة حول الأوضاع في دارفور، والمشاورات التي جرت في اديس ابابا في الفترة من 21 – 23 نوفمبر الجاري حيث ضمت تلك المشاورات عدد من القوي الموقعة وغير الموقعة على اتفاق سلام وقيادات اخري من دارفور وشدد مناوي في المقابلة على معارضته لاي توجه لتشكيل حكومة في دارفور في ظل استمرار الحرب. ودعا مناوي في المقابلة التي اجراها الزميل جعفر السبكي لمشاركة اهل دارفور في مفاوضات السلام ووقف الحرب لأن الحرب تدور في ارضهم كما أكد على حرصه على استمرار قوافل الإغاثة إلى المناطق المتأثرة بالحرب في دارفور بالرغم من المصاعب التي تواجهها.
وفيما يلي نص المقابلة :
بداية لماذا حذرت من الورشة التي عقدت مؤخرا باديس البابا بين الحركات الموقعة علي اتفاق السلام وغير الموقعة علي اتفاق السلام لمناقشة الأوضاع في دارفور؟
هذه الورشة حضرها عدد من الأشخاص، وطبعا هي ما كانت خاصة لبعض الأطراف، بل حضر عدد من الممثلين للحركة، منهم القائد العام للجيش، والمسئول القانوني، محمود كورينا، فالإدانة ليس للذين حضروا، ولا الورشة بعينها، إنما بعض الممثلين الذين حضروا، ولديهم علاقة بقوي الحرية والتغيير المركزي.
رغم أن الورشة ليس لها اهداف، ولا ترتيبات أولية، وكان هناك نقص وقصور في ترتيباتها، لكن الذين حضروا كان لهم الرغبة الجامحة في تكوين حكومة في المناطق التي سيطرت عليها قوات الدعم السريع في الفترة الأخير، وكان هذا الموقف، من خلفه مواقف أخرى، وأياد أخرى، ودوافع لا يمكن ان نسميها سودانية خالصة.
وقف المشاركون في الورشة سدا منيعا وتصدوا لهذه الفكرة، وما دفعنا للتعليق، هو أن الجهة التي طرحت الفكرة ليس لديها رغبة في وحدة السودان، فقط تريد أن تمتطي حتى ظهر الشيطان، للوصول إلى السلطة. ولا يرون مشكلة في انكسار السودان اذا لم يكونوا هم بأنفسهم في السلطة. بالتالي أنا من موقعي كحاكم لإقليم دارفور، ولموقفي الوطني، والأخلاقي، لا يمكن أن أقبل بمثل هذه المواقف والورش.
الأمر الآخر، هناك شكوك، حول أهداف الاستيلاء على المناطق، والنوايا التي يبثونها في مثل هذه الورش. وهذا المنحى سوف يفتح المجال لتفكيك البلاد، لأنه يفتح بابا واسعا لإعلان حكومات متشاكسه، وكل شخص، سواء كان عمده، أو ناظر، أو شيخا، يعلن حكومته بطريقته في أي ركن من البلاد يتواجد فيه، وهذا يعد تجاوزا كبيرا للقانون.
حتى موضوع السعي لتكوين حكومة في دارفور يعد تجاوز أيضا. أي تجاوز للقانون أو أي شخص يخرج عن القانون، ويريد ان يعيد صياغة الدولة كيفما يروق له لمجرد انه يحمل السلاح سوف يجد مقاومة من الآخرين، وستكون ردود أفعالهم قوية جدا.
وبالتالي أي شخص في جبل مرة يعمل له حكومة، وتكون هناك 4 حكومات في جنوب دارفور، وعشرة حكومات في شمال دارفور إلخ، هذا سيخلق فوضى شاملة لا يمكن القبول بها ويجب مقاومتها.
حسنا، ما هي الدعوة التي توجهها لهم؟
حقيقة أنا أقول لكل الذين لهم آراء سواء كانوا في الحرب، أو السلم أرجو منهم ان لا يخرجوا خارج إطار القانون، والشي الثاني والأصعب هو فتح باب الحرب الأهلية، بلا حدود ولا هوادة وهذا أمر خطير.
لا بد من أن نعمل من أجل وحدة السودان وسيادته، ويجب أن لانفرط فيها أبدا، أيضا دارفور منطقة مكوناتها معروفة، ومرسومة بحواكير، وأعراف أهلية تاريخية راسخة لا يمكن إلغائها بمجرد شعلة بارود أو رصاصة.
لا بد من احترام حقوق الإنسان وممتلكاته وشرفه، وكرامة الجميع، واحترام الأرض والعرض والأسواق والبيوت، وممتلكات الدولة. أي انتهاك لهذه الحقوق أمام أعين الناس، تحول من يفعل ذلك لمليشيا، والإنسان الذي لا يلتزم بالقانون يتحول إلى وحش لا يحترم الآخرين، ولا يمكن أن ينال احترام الاخرين. بالتالي لا يمكن أن تعمل دولة يمثل هذه الأساليب، أيضا لا بد من المساواة في الحقوق، طالما لديك قوة السلاح وعربات لاندكروزر ومال، هذا يمكن ان يميزك من الاخرين، لكن يجب ألا يدفعك للتمييز بين الناس حسب قربهم وبعدهم منك. هذا لا يصح، نعم ما تملكه هو قوتك لكن انت كانسان متساوي مع للأخرين أمام القانون وأمام الله، وما تملكه من مال وقوة يجب الا يدفعك لظلم الآخرين هذا لا يعقل.
ما رأيك في التجاوزات التي يشهدها إقليم دارفور؟
التجاوزات التي تجري الآن بالإقليم لا تجعل الناس يطمئنون لبعضهم البعض، لذلك نطلب من كل الأطراف الجنوح إلى التفاوض، هذه الأطراف المتحاربة يجب أن تتحاور، وأنا متأكد ان هذه الحرب لا يمكن ان تنتهي بانتصار طرف على الاخر، وهذا هو موقفنا، وسنظل ندفع كل الأطراف إلى التفاوض والحوار.
كما قلنا سابقا أن مسئولية الحرب أمر بين طرفي القتال الجيش والدعم السريع، لكن للأسف بعد نقل الحرب إلى دارفور، يجب أن يكون هناك طريق ثالث في التفاوض، طالما الحرب في جغرافية دارفور يجب أن يكون اهل دارفور جزءا من التفاوض والحوار ووقف إطلاق النار، وجزء من صياغة مستقبل البلاد التي تعنينا جميعا، وليس الطرفين المتحاربين فقط، وهذا أمر مهم، لا بد من فتح التفاوض والحوار لكل الناس وليس للجيش والدعم السريع فقط، والآن أصبحت المخاوف كبيرة، لان التوقعات كانت ترى انحسار الحرب في منطقة ما، لكن الآن الانحرافات أصبحت كثيرة.
هناك شكوى من أهالي دارفور خاصة شمال دارفور، بخصوص تأخير وصول المساعدات وان القوات المشتركة لها شهرين لم توصل أي مساعدات ما هي المشكلة؟
هذا سؤال مهم، الطوف (الذي ينقل المعونات الاغاثية والإنسانية) يجب أن يتعامل مع كل الأطراف من أجل فتح الطريق، ولاستمرار الحياة، ولا يمكن أن نمنع الملايين من المواطنين في دارفور من سبل الحياة لأن هنالك اطراف متحاربة، لذلك أنا أقدر أن هناك ظروفا صعبة تعمل فيها القوات المشتركة، من نقص الموارد المالية والمعينات اللوجستية وغيرها. حتى أمن وسلامة الذين يحمون قوافل الإغاثة، لقد فقد عددا من الشهداء من أجل حماية المواطن والقوافل والمواقع العامة، لكني أقول رغم الظروف الصعبة ستستمر في تحريك الطريق وتوفير سبل الحياة.
المصدر: دبنقا