أخبار السودان:
من المعلوم بالبداهة والفطرة أن المقابر هي تلك المساحات التي يتم تخصيصها لدفن الموتى من بني البشر، ولكن قد تستغرب وتندهش قارئنا العزيز اذا علمت أن هناك مقابر أخرى لا يدفن فيها البشر، وانما تحتضن في جوفها مختلف أنواع الاسلحة، ففي الحوار الذي أجرته معه صحيفة (السوداني) حول عملية جمع السلاح المنتشر بكثافة وخاصة في دارفور الكبرى، قال مقرر اللجنة الإعلامية لجمع السلاح والعربات غير المقننة الفريق د.عبد الهادي عبدالله، رداً على سؤال حول أين يختفي سلاح القبائل الذي تستخدمه في نزاعاتها الدموية، قال أن هذا السلاح المتنوع مابين خفيف ومتوسط وثقيل يتم دفنه بالمقابر مثل الموتى، وآخرون يخفونه في صهاريج المياه وغيرها من الاماكن، ومن هذه الاماكن البنايات تحت التشييد، فقد سبق لقوات الشرطة أن اعلنت عن تمكنها من ضبط كميات كبيرة من بنادق الكلاشنكوف والملتوفات وأسلحة أخرى صغيرة وذخائر تالفة بفعل التخزين السيئ، مخبأة بإحدى البنايات تحت التشييد بحي الختمية ببحري.. وما قاله مسؤول الاعلام بلجنة جمع السلاح يعيد للأذهان أيضاً حكاية سلاح الاجهزة النظامية وشبه النظامية الموازية التي أنشأها النظام المخلوع كأجهزة ضرار للأجهزة الرسمية، من أمن شعبي ودفاع شعبي وأمن خاص وأمن طلابي، هذا غير سلاح الحركة الاسلامية، ما يستولد سؤالا مهما مؤداه اين هو هذا السلاح الان، وهو بلا شك سلاح متنوع كيفا وكثير كما، ولا نلقي القول هنا على عواهنه ولا نتهم جزافا، وانما نستشهد بواقعة ذلك السلاح المدفون تحت الأرض الذي قيل أنه تم ضبطه بمنطقتي الخليلة واللاماب، كان ذلك بعد اشتداد أوار المفاصلة حين تفاقم خلاف الإسلاميين وتفاصلا إلى وطني وشعبي، واتهام الأول للأخير بتدبير مؤامرة تخريبية، وكانت أصابع اتهام الفصيل الحاكم قد أشارت وقتها إلى دولة جارة اتهمتها بتهريب هذا السلاح وبأنها والغة في المؤامرة التي يحيكها ضد البلاد الفصيل المارق، ولكن الفصيل الآخر لم يسارع إلى نفي هذا الاتهام فقط، بل وزاد النفي كيل بعير بتوضيح حقيقة هذا السلاح على طريقة هامان مع فرعون أو قل على طريقة (الشفوت) (علينا نحنا..سلاح مهرب ومش عارف جاي من دولة إيه..دا إحنا دافننو سوا..دا سلاح الحركة الإسلامية لامن كنا سمن على عسل..جايين هسع تنكروه وتزوغوا وترموا التهمة علينا بعد ما بقينا سمن على البدنجان الأسود)..أو كما قال قائلهم حينها المحبوب عبد السلام في كلمة منشورة وموثقة..�وبمقولته تلك كأنما أراد المحبوب التذكير بحكاية شيخ جريوة التي انتجت المثل الشهير (دافننو سوا)، وتقول الحكاية كما رواها من قبل الزميل الحبيب عثمان شبونة، إن ماجنا صادفه جرو ــ كلب صغير ــ فقتله.. ثم اتسع خياله ليفعل شيئا (حسب مزاجه) فنادى على صاحب له كان يشاركه البهجة.. اتفقا على دفن (الجرو).. بعد أيام قررا تشييد ضريح على قبره.. ولأن غالبية نساء المنطقة ورجالها بسطاء وسذج شغلهم حب الاستطلاع حيال الضريح الجديد..! وذات صباح أحضر الرجلان الماء للضريح وغمراه ثم أطلقا الصياح (مدد.. مدد.. حي.. حي).. فتكاثر الخلق وعمت الإشاعة أن (الشيخ تبيّن) أي نبع الماء من قبره..! بمرور الأيام تكاثرت الصدقات على الضريح وصدق الشريكان بأن (جريوة) فعلا شيخ.. وذات خلاف قررا أن يقتسما المال ومن ثم يرحلان.. لكن الماجن مكر على شريكه في القسمة.. وأراد أن يؤكد نزاهته فوضع يده على المسيد بكل ما أوتي من اللا مبالاة والغباوة، قائلاً لصاحبه (وحياة الشيخ جريوة دا أنا ما ظلمتك)..! فصاح الشريك بدهشة: (يا راجل إنت نسيت إنو نحنا دافننو سوا)..؟!فأين تراه سلاح الحركة الاسلامية الـ(دافننوا سوا)..
الجريدة