أخبار السودان:
أعلن كبير المفاوضين السودانيين في ملف سدّ “النهضة” مصطفى حسين الزبير أن بلاده لن تشارك في “مفاوضات عقيمة” حول السدّ، أثبت الواقع “عدم جدواها”، إلا بعد “تغيير منهجية وآلية التفاوض” على مستوى منح دور أكبر للخبراء والمراقبين.
وفي 6 إبريل الجاري، انتهت جولة مفاوضات في كينشاسا، عاصمة الكونغو الديمقراطية، من دون “إحراز تقدم”، حسب بيانين للخرطوم والقاهرة، فيما اتهمت أديس أبابا الأخيرتين بـ”عرقلة” المفاوضات، وهو ما نفاه السودان ومصر.
مفاوضات عقيمة
وأضاف الزبير، وهو رئيس الجهاز الفني بوزارة الري والموارد المائية، في مقابلة مع “الأناضول”: “إذا وافق الاتحاد الأفريقي على تغيير منهجية وآلية التفاوض لتكون أكثر فاعلية فسنشارك، وما عدا ذلك لن نشارك في مفاوضات عقيمة أثبت الواقع عدم جدواها”.
وحول حديث إثيوبيا عن استعدادها للعودة إلى التفاوض، أجاب الزبير: “لم يصلنا ما يفيد بذلك”.
وتصر أديس أبابا على ملء ثانٍ لسد “النهضة” بالمياه في يوليو المقبل، حتى لو لم تتوصل إلى اتفاق ثلاثي بشأن السدّ الواقع على النيل الأزرق، وهو الرافد الرئيس لنهر النيل.
وكانت إثيوبيا أقرّت منتصف يوليو 2020 ببدء الملء الأول لسدّ النهضة، في إجراء أحادي الجانب، من دون التوصل إلى اتفاق ملزم حول ذلك مع دولتي المصب.
مفاوضات عقيمة
وتتمسك القاهرة والخرطوم بالتوصل أولاً إلى اتفاق حول الملء والتشغيل يحافظ على منشآتهما المائية، واستمرار تدفق حصة كل منهما السنوية من مياه النيل، البالغة 55.5 مليار متر مكعب، و18.5 مليار متر مكعب، على الترتيب.
وعقب جولة كينشاسا، قالت إثيوبيا إن “مصر والسودان رفضتا مسودة البيان الختامي، مطالبَين بدور للمراقبين (تُقصد الرباعية الدولية المقترحة)، ليحلوا محلّ الدول الثلاث والاتحاد الأفريقي”. كما اتهمت البلدين بأنهما “اتبعا نهجاً يسعى إلى تقويض العملية التي يقودها الاتحاد الأفريقي، وعرقلا استئناف المفاوضات”.
ورداً على تلك الاتهامات، قال الزبير: “غير صحيح تماماً، نحن ذهبنا إلى كينشاسا بعقل مفتوح غير متعصبين في مقترحاتنا، حيث لم نتمسك بالرباعية الدولية بشكل أصم”. وتابع: “بل وافقنا على أن يكون أطراف الرباعية ميسرين بدلاً عن وسطاء، ووافقنا أيضاً على إضافة جنوب أفريقيا (للوساطة) بطلب من إثيوبيا التي عادت ونكصت عن ذلك، بل وافقنا على أن تكون لرئيس الكونغو (الديمقراطية) القدرة على جلب خبراء لمعاونته، ومع ذلك رفضت إثيوبيا”.
ورأى أن “تعنت إثيوبيا غير المبرَّر يوضح رغبتها في كسب الزمن لمواصلة الملء الأحادي للمرة الثانية من دون اتفاق حول ملء وتشغيل سدّ النهضة”.
وعن هدف المقترح السوداني، قال الزبير إن “الأطراف الدولية المقترحة من قبلنا للقيام بدور الوساطة، لضمان الحياد وتوفر الخبرة الفنية والقانونية والعملية في تسوية النزاعات الدولية المشابهة، وتضمن تنفيذ بنود الاتفاق مستقبلاً”. وأضاف: “لذلك نحن نتمسك الآن بعدم القيام بالملء الثاني قبل الوصول إلى اتفاق قانوني ملزم”.
وتابع: “يجب أن يكون هنالك اتفاق قانوني ملزم يؤطر آلية واضحة لتبادل المعلومات بصورة مستمرة وليست مرحلية، وكذلك آلية لفض النزاعات في حالة إخلال أي طرف بالتزاماته تجاه الأطراف الأخرى، آخذين في الاعتبار أن إثيوبيا، عبر خطاب رسمي في وقت سابق، رهنت إعطاءنا المعلومات بوجود اتفاق ملزم”.
وبشأن اتهام إثيوبيا للسودان بالرغبة في الخروج من عباءة الاتحاد الأفريقي لتدويل القضية، قال الزبير: “هذا الحديث عارٍ من الصحة تماماً، والقضية إن لم تكن دولية في الأساس لما اهتم بها الاتحاد الأفريقي نفسه، وكذلك المجتمع الدولي، لما لها من آثار متعدية على المحيط الإقليمي وعلى استقرار هذا الجزء من العالم، والذي يجد اهتماماً كبيراً من المجتمع الدولي”.
وشدد على أن “إشراك وسطاء في عملية التفاوض، تحت قيادة الاتحاد الأفريقي، لا يعني الخروج من عباءة الاتحاد الأفريقي، بل هو دعم لدوره، وما تدعيه إثيوبيا لا يخرج من إطار استدرار ومخاطبة العواطف”.
ومع فشل جولة كينشاسا، أعلنت الخرطوم والقاهرة أن “كل الخيارات مفتوحة” للتعامل مع أزمة سدّ “النهضة”، باعتبارها قضية أمن قومي للبلدين.
(الأناضول)