مصر تبحث عن استعادة دورها الإقليمي في السودان
مصر تعلن عن مبادرة جديدة لحل الأزمة في السودان بعقد مؤتمر للقوى السياسية المدنية السودانية في نهاية يونيو، بهدف التوصل إلى توافق بين الأطراف المتصارعة من أجل بناء سلام دائم في البلاد. هذا يأتي بعد فشل مبادرات سابقة في إحياء الحوار بين الجيش وقوات الدعم السريع في السودان، ومرور عامين دون تقدم في المفاوضات منذ توقيع اتفاق في مايو 2023، الذي لم يتم تنفيذه وتبادلت الأطراف الاتهامات بخرقه. القوى السياسية السودانية ترحب بالمبادرة المصرية، مؤكدة أنها قد تسهم في إنهاء الحرب، بينما تشير تحليلات إلى ضرورة التنازلات والدخول في حوار بناء دون شروط مسبقة لتحقيق النجاح.
تصاعدت المعارك في مدينة الفاشر بإقليم دارفور بالسودان، رغم الدعوات الدولية لوقف القتال، حيث تتواصل المواجهات بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني والحركات المتحالفة معه. هذا الصراع أدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية للمدنيين في المدينة التي تعتبر ملاذًا آخر للضحايا في إقليم دارفور المضطرب.
تملك مصر دورًا مهمًا في محاولة حل الأزمة، حيث تعتزم عقد مؤتمر للقوى السياسية السودانية في نهاية يونيو، بهدف إعادة الطرفين إلى طاولة المفاوضات. ويعتبر هذا المؤتمر فرصة لتحقيق توافق بين الأطراف المتصارعة، بحسب تقديرات أستاذ العلوم السياسية السوداني عز الدين المنصور.
مصر تحظى بعلاقات وثيقة مع القوى السياسية السودانية، وتستضيف العديد من قادتها حاليًا، مما يزيد من احتمال نجاح المؤتمر. وعلى الرغم من التحديات المتعلقة بمشاركة الأطراف والتطورات السياسية، يأمل البعض في أن يسفر المؤتمر عن خطوات إيجابية نحو إنهاء الحرب في السودان.
من جهته، يعتبر المحلل السياسي السوداني عبد المنعم الزاكي أن فرص نجاح المؤتمر تبدو ضئيلة، نظرًا لصعوبة التوافق بين الأطراف، وتشديده على ضرورة عدم مشاركة ممثلين لنظام البشير في المفاوضات.
رغم ذلك، لم توضح مصر بعد الجهات المشاركة في المؤتمر، لكنها أكدت أنه سيجري بحضور الشركاء الإقليميين والدوليين المعنيين، ومشاركة القوى السياسية المدنية السودانية. وتمسكت السودان بمشاركة المقاومة الشعبية ورفضت مشاركة الاتحاد الأفريقي ومنظمة إيغاد دون تقديم خطوات فعلية لرفع تجميد نشاط السودان بالمنظمة القارية.
الحرب في السودان مستمرة منذ منتصف أبريل من العام الماضي، وسط تصاعد المعارك في مدينة الفاشر بإقليم دارفور، حيث يتجدد الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. في هذا السياق، يعتزم رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق عبدالفتاح البرهان، طرح وثيقة دستورية جديدة، وسط تقديرات حول مدى دعم هذه الخطوة لـ”الشرعية” أو ترسيخ “حكم العسكر”.
تحركت مصر بمبادرة لجمع مكونات سياسية سودانية، حيث تركز على القضايا العملية التي تساهم في وقف الحرب وإعادة بناء البلاد. ورغم القلق من أن مطالب الخارجية السودانية قد تعرقل المؤتمر، إلا أن مصر تعتبر أنها تتحرك بفعالية نظرًا لتأثير النزوح السوداني على أمنها واقتصادها.
من جانبها، ترى الصحفية المصرية صباح موسى أن نجاح المؤتمر يتطلب تحديد جدول أعماله بدقة، والتركيز على وقف القتال دون الانجرار لمناقشات جدلية. ومن المتوقع أن يختبر المؤتمر صدقية القوى السياسية السودانية في رفض الحرب.
وفيما يتعلق بالأوضاع الإنسانية، أسفرت الحرب في السودان عن مقتل آلاف السودانيين وإدخال البلاد إلى حافة المجاعة، مع تشريد ملايين الأشخاص وتدمير البنية التحتية.