أطلق فريق متعدد التخصصات من باحثي وأطباء مستشفى سدرة للطب (مستشفى متخصص ترعاه الشيخة موزا بنت ناصر) برنامجاً تجريبياً للتخزين الحيوي لعينات سرطانية مأخوذة من أطفال مصابين، لتطوير علاجات شخصية خاصة بكل مريض. ويضمن البرنامج تحديد السمات الجينية لأورام كل مريض، متبوعاً بالتحليل الخلوي الذي يساعد في تحديد الهدف المحتمل للعلاج الخلوي وأدوات التصوير التشخيصي غير الغازية.
وتم إطلاق المستودع الحيوي بقيادة الدكتور وتر هندريكس الباحث الرئيسي في مختبر أوميكس لسرطان الأطفال ورئيس البرنامج التجريبي، بالتعاون مع الدكتور ويليام ميفسود الطبيب المعالج من قسم علم الأمراض التشريحي في سدرة للطب، حيث يقدم المستودع نظاماً متكاملاً لجمع عينات من المرضى ومطابقة البيانات المعقدة مع المعلومات السريرية. ويعد تطوير برنامج المستودع الحيوي التجريبي تمثيلاً حقيقياً لتعاون قسم الأبحاث مع قسم علم الأمراض ورعاية المرضى لتوفير إمكانية فحص الورم الخبيث لكل طفل مريض بأحدث الطرق المتاحة”.
ويهدف سدرة للطب إلى العمل بشكل وثيق مع “قطر بيوبنك للبحوث الطبية” لإنجاح هذا المستودع، حيث أن المستودع الحيوي هو مشروع مشترك يقوم على جهود مختلف الوظائف البحثية والسريرية في سدرة للطب، بتعاون وثيق مع قسم أورام الأطفال، الذي يرأسه الدكتور أيمن صالح ومركز الأبحاث السريرية بقيادة الدكتورة كيارا كوغنو. وعلى المدى الطويل، سيمهد هذا المشروع الطريق لإطلاق الطب الدقيق الشخصي ويتيح تطبيقه على كل طفل مريض بالسرطان في قطر.
وقال الدكتور هندريكس في هذا السياق “الطب الشخصي نهج تفصيلي متقدم يتناول إدارة صحة المريض وعلاجه بشكل أفضل، وهو لا يساعد في إدارة المرض فحسب، بل يأتي أيضاً بأفضل النتائج”.
ولفت إلى أن مرض السرطان ينشأ من خلال طفرة عشوائية مستمرة، وأنه غالبا ما يحمل المرضى عددا كبيرا من الطفرات المختلفة، مما يؤدي إلى عرض غير متجانس للمرض، كما أنه غالباً ما يترافق بتغيرات في النتائج والاستجابة للعلاج، ويمكن كذلك للخلايا المناعية التعرف على الخلايا السرطانية وقتلها، وهذه بدورها تقوم بتطوير تعديلات تجعلها “غير مرئية” لجهاز المناعة.
على الصعيد ذاته، قال الدكتور دافيد بيدوغنيتي مدير قسم أبحاث السرطان في سدرة للطب “ما نقوم به هو تحليل أكبر عدد ممكن من المؤشرات للعثور على العوامل المهمة التي يمكن استخدامها لتوجيه العلاج أو إيجاد أهداف جديدة. في الوقت الحاضر يمكننا دراسة كل خلية في كتلة الورم بشكل منفصل. وهذا يعني دراسة كل من الخلايا السرطانية والخلايا المناعية للمرضى. ولكن للقيام بذلك، نحتاج إلى تخزين العينات ومعالجتها على الفور، بمجرد جمعها، باستخدام بروتوكولات محددة. وهكذا فإن مجموعة منهجية مثل تلك التي تم تحصيلها في برنامج المستودع الحيوي التجريبي، تمثل الخطوة الأولى والحاسمة للسماح بتوصيف شامل للسرطان”.
وأشار إلى أنه نظراً للسرعة التي تتطور بها الأبحاث والطب عموماً، تظهر علاجات جديدة بشكلٍ متتابع وسريع. وبمناسبة اليوم العالمي لسرطان الأطفال الذي يصادف 15 فبراير/ شباط كل عام، أكد الدكتور دافيد بيدوغنيتي إيمان “سدرة للطب” الراسخ بفائدة هذا البرنامج التجريبي، واعتباره خطوة في الاتجاه الصحيح نحو برنامج الطب الدقيق فيها.
وذكر أنه عند تشخيص الورم الخبيث، ستتاح للأطفال المرضى بالأورام في سدرة للطب، الفرصة للمشاركة في المشروع التجريبي والتبرع بالأنسجة السرطانية التي لم تعد مطلوبة لتشخيصهم السريري، وإضافتها إلى مستودع سدرة الحيوي لسرطان الأطفال، ليتم بعد ذلك استخدام هذه المواد لدراسة مرضهم، من أجل تطوير علاجات شخصية تناسب كل واحد منهم.
أما الدكتور ويليام ميفسود، وهو طبيب معالج في قسم علم الأمراض، فقال إن هذا البرنامج يعرض رؤية سدرة في الطب الدقيق لكل طفل، مضيفا “نحن نجمع بين قدراتنا البحثية ذات المستوى العالمي والرعاية السريرية المتقدمة حتى يتسنى لجميع الأطفال المصابين بالسرطان في قطر الحصول على فرصة لدراسة أورامهم بتفصيل غير مسبوق.
واختتم تصريحه قائلا “برنامجنا متاح لجميع أسر الأطفال المصابين بالسرطان في قطر، الراغبين في المشاركة، ومن خلال هذا البرنامج سنكون قادرين على بناء فهم فريد للأنشطة الجزيئية التي ينطوي عليها تطوير علاج سرطان الأطفال، والحفاظ عليه، والاستجابة له، لأن العلاجات ستكون مناسبة للمرضى بشكل محدد. نشجع جميع أسر الأطفال المصابين بالسرطان في قطر على الانضمام إلينا في هذا المسعى النبيل”.
القدس العربي