كارثية منهج التفاوض الثنائي مع الحلو*** عاد وفد الحكومة الانتقالية إلى السودان بعد أن تم رفع التفاوض من قبل الوساطة الجنوب سودانية، مصادر متعددة تتحدث عن عشرات النقاط الخلافية بين الطرفين، وهو شيء متوقع، في ظل حوار ثنائي هدفه كما يبدو إرضاء الحلو وجذبه لتوقيع اتفاق سلام وليس البحث عن حل شامل لقضايا الحرب والحكم والهوية. أكبر الأخطاء التي ارتكبتها الحكومة الانتقالية كان هو استراتيجية التفاوض الثنائي مع الحركات المسلحة، هذا المنهج التفاوضي الكارثي استخدمه نظام الانقاذ كثيرا وفشل فشلا ذريعا.
كارثية منهج التفاوض الثنائي مع الحلو*** نظام الانقاذ لم يكن يقصد بالتفاوض مع الحركات حل مشكلات الوطن ولا إيقاف الحرب وإنما كان يرغب في كسب الوقت وتفتيت الحركات وتمزيقها، لذلك ذهب الى الحوارات الثنائية، فلماذا نطبق منهجه؟!! هل بالفعل تسعى بعض الأطراف (كما سمعنا) داخل الحكومة الانتقالية إلى إطالة أمد الفترة الانتقالية لعشرات السنوات؟ ان كان هذا صحيحا فهؤلاء بالتأكيد سيصرون على منهج الحوارات الثنائية الإنقاذي!! كلما وقعوا اتفاق سلام زادوا الفترة الانتقالية سنوات جديدة، وهؤلاء يجب محاربتهم، فهدف الثورة وهدف الحكومة الانتقالية هو معالجة مشكلات السودان المزمنة بشكل شامل، وهو ما لا يمكن انجازه عبر منابر منفصلة وحوارات ثنائية وإنما عبر منبر واحد جامع يضم كل الفرقاء وكل السياسيين وكل الحركات.
كارثية منهج التفاوض الثنائي مع الحلو*** حاورت الحكومة الانتقالية الجبهة الثورية، وهي في الأصل فصيل من فصائل قوى الحرية والتغيير، ما كان يجب ان يعامل الا على هذا الاساس، الأزمة اوجدتها حكومة المجلس العسكري التي بدأت التفاوض الثنائي مع الجبهة الثورية، في ذلك الوقت كان المجلس العسكري يبحث عن نصر على قوى الحرية والتغيير بتحقيق السلام، وهنا ظهر السلام كهدف تكتيكي وليس استراتيجي، حينما تم توقيع الوثيقة الدستورية، لم يقف الشق المدني ضد هذا المنهج الثنائي، وللإنصاف الأحزاب المخضرمة الأمة والشيوعي ومفكرين سودانيين نبهوا إلى أن هذا المنهج لن يقود إلى السلام ويجب أن تتم مراجعته، ولكن لم يستمع اليهم احد. الامام الراحل الصادق المهدي رئيس قوى نداء السودان حين رأي فصيل الجبهة الثورية الذي هو عضو في نداء السودان ينخرط في حوار ثنائي مع الحكومة الانتقالية ويترك الحل المتفق عليه داخل تحالف نداء السودان وهو الحل الشامل وليس الثنائي، قام بالاستقالة من رئاسة نداء السودان في رسالة لم يفطن إليها الكثيرون.
كارثية منهج التفاوض الثنائي مع الحلو*** هذه الأطراف التي تتفاوض الآن جميعها تفاوضت مع بعضها في فترة المعارضة، ووقعت مع بعضها اعلانات ومقررات تاريخية، فكيف تتركها الان وراء ظهرها؟؟ لماذا يتفاوضون مجددا على أشياء تفاوضوا عليها من قبل وقتلوها بحثا!! كان يجب أن تسود فورا هذه الاتفاقيات اختصارا للزمن وتوحيدا لمنبر السلام وليس الرجوع مرة أخرى لحوارات ثنائية، الحركة الشعبية بشقيها كانت ضمن الموقعين على مقررات اسمرا للقضايا المصيرية ١٩٩٥، الجبهة الثورية كانت ضمن الموقعين في أديس أبابا ٢٠١٤ وفي باريس بعد ذلك على ميثاق نداء السودان لإعادة هيكلة الدولة السودانية، وفي الحالتين كانت الأحزاب السياسية حاضرة بكافة اطيافها، في مؤتمر اسمرا كان هناك الأمة والاتحادي والشيوعي والبجا والتحالف السوداني والتجمع المدني، وفي أديس أبابا كان هناك نداء السودان بجميع احزابه والإجماع الوطني بجميع احزابه والتجمع المدني بكل اطيافه، لو كان هناك طرف وحيد لم يكن جزءا من هذه الاتفاقيات فهو الجيش السوداني، وهو لا يمانع في وحدة السودان عبر وحدة الحوار الجامع.
الخلاصة، المواصلة في منهج التفاوض الثنائي سيؤدي إلى إضاعة الفرصة الراهنة في معالجة قضايا الحكم والحرب والهوية بشكل نهائي، يجب ان تحل قضية الحرب في منبر واحد، بمشاركة جميع الاطراف، الحركات والأحزاب والجيش والمجتمع المدني وقوى الثورة.