هاجم الإعلام الأمريكي الذي وقف إلى جانب إدارة جورج بوش عندما شن حربا على العراق، الإدارة الأمريكية بسبب الحرب التي جرت قبل 20 عاما بسبب ادعاءات مضللة بامتلاك العراق سلاحا نوويا.
بالتزامن مع مرور عقدين على الحرب التي راح ضحيتها مئات آلاف العراقيين ونشوب حرب طائفية وانهيار مؤسسات الدولة وظهور جماعات إرهابية هددت العالم بأسره، فتحت وسائل الإعلام الأمريكية الباب لمراسليها وكتاب الرأي والخبراء للتصويب باتجاه الحرب، لكن بعد أن حولت أمريكا الشرق الأوسط إلى ساحة حرب.
ادعاءات بوش المضللة
تذكر الكاتبة روبين أبكارين في صحيفة (لوس أنجلس تايمز) ما وصفته بـ “ادعاءات إدارة بوش الزائفة بشأن مخزون صدام حسين من أسلحة الدمار الشامل”.
وقالت إن “هذه المعلومات الزائفة شجعت الأمريكيين على الدخول في صراع أنهى حياة الآلاف من الأمريكيين ومئات الآلاف من العراقيين. أدت الحرب – إلى جانب التخطيط الإجرامي السيئ لما بعد الحرب من جانب مسؤولي إدارة بوش – إلى إطلاق العنان لصراع طائفي مروّع، وأدى إلى ظهور داعش ونزوح أكثر من مليون عراقي”.
وأضافت: “لقد تبين أن تضليل الجمهور جراء هجمات الحادي عشر من سبتمبر الإرهابية كان مهمة سهلة نسبيا للمحافظين الجدد الذين دأبوا على الحرب في إدارة بوش. لقد اعتقدوا بحماقة أنهم يستطيعون فرض الديمقراطية على أمة ليس لها تاريخ في ذلك”.
وتابعت: “كما اختلق مسؤولو بوش روابط زائفة بين العراق وهجمات الحادي عشر من سبتمبر التي دبرها بن لادن وجماعته الإرهابية القاعدة. وأكد وزير الخارجية الراحل كولن باول للعالم في خطاب ألقاه أمام الأمم المتحدة قبل الغزو مباشرة أن الحرب كانت مبررة تماما بالخطر الذي يشكله العراق على العالم”.
يظهر الأمريكيون منذ سنوات سخطهم على الحرب التي شنتها حكومتهم عام 2003 على العراق، وكيف أثرت في صناعة شرق أوسط غير مستقر أودى بالمحصلة إلى بروز جماعات إرهابية وميليشيات مسلحة وتفاقم الفساد في العراق الذي بددت ثرواته طيلة العقدين الماضيين.
“على المدافعين عن الحرب الاعتذار”
تتصاعد أصوات منتقدي الحرب الأمريكية على العراق رغم مرور عشرين عاما عليها، ورغم أن البعض من العراقيين بدأوا ينسونها، إلا أن أصواتا أمريكية ما زالت تعتبرها “وصمة عار” في تاريخ بلادهم.
يتضح من خلال ما يكتب عن هذه الحرب، تحديدا بأقلام أمريكية وفي وسائل إعلام أمريكية، أن ندما كبيرا أصاب حتى أبرز المدافعين عن الحرب والمروجين والمبررين لها، بعد أن روأ بأن العراق الذي تحدث عنه الرئيس الأمريكية مع بداية سقوط بغداد، لم يتحقق.
كتب جيراد باكير مقالا في صحيفة وول ستريت جورنال في الذكرى العشرين للغزو الأمريكي للعراق أن “بعض أولئك الذين أيدوا غزو العراق قبل 20 عامًا هذا الأسبوع يبذلون أفضل دفاع ممكن عما استنت منذ فترة طويلة أنه ربما كان القرار الأكثر معيبة في السياسة الخارجية الأمريكية منذ تأسيس الجمهورية”.
وأضاف: “يقول المدافعون، إننا نميل إلى رؤية مثل هذه الأحداث من خلال منظور ثابت وليس ديناميكيًا للتاريخ. حتى لو لم تكن الولايات المتحدة قد غزت العراق في عام 2003، فمن المحتمل أنه على مدى السنوات العشر المقبلة كان من الممكن أن يتكشف العنف الرهيب هناك. عاجلاً أم آجلاً، كان قمع ثلثي السكان الشيعة من قبل المجتمع العربي السني سينتهي بإراقة دماء جماعية.
وتابع: “كان على دعاة الحرب تقديم مزاعم قاتمة حول أسلحة الدمار الشامل. في تحليله الجنائي لعام 2020 ، “لبدء حرب: كيف أدخلت إدارة بوش أمريكا في العراق” ، يوثق روبرت درابر بشكل منهجي حملة الخداع – بما في ذلك خداع الذات – التي نشرها المسؤولون ، مشيرين بشكل محموم إلى كل مجموعة من المعلومات الاستخبارية التي دعمت قضيتهم ورفض الجبال التي تشكك فيها.
لذا فإن قضية تبرير الحرب فشلت في حد ذاتها. لكن هذا لا يبدأ حتى في تقييم التكاليف الحقيقية ، بما في ذلك الضرر الذي لحق بسمعة أمريكا وقوتها الاستراتيجية.أفضل مسار لأولئك الذين دعموا هذه المغامرة الرهيبة هو الاعتراف بخطئنا المخزي أو ، إذا فشلنا في ذلك ، أقسموا يمين الصمت المحترم.
“إدارة بوش خدعتنا”
خلقت الحرب الأمريكية على العراق انقساما داخل المجتمع الأمريكي، لكنها اليوم قد تخلق اتفاقا بنسبة كبيرة بينهم على رفضها، وعلى أنها حربا قتلت الأبرياء ولم تحقق شيئا للشعبين الأمريكي والعراقي.
تشير التقارير والمقالات التي يكتبها الأمريكيون، إلى أن الحكومة الأمريكية استغلت أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 لتنفيذ هجمة على العراق، وادعت وجود علاقة بين تنظيم القاعدة ونظام صدام حسين، وهذا ما نفاه الرئيس العراقي الأسبق خلال شهادة أدلى بها أمام محقق الـFBI وفقا للمقابلة التي نشرتها CNN مؤخرا.
كتب جوي ليبرمان مقالا في صحيفة نيويورك بوست في الذكرى العشرين للحرب الأمريكية على العراق قال فيه: “أخبرتنا إدارة بوش أن صدام كان يمتلك أسلحة دمار شامل مبنية على معلومات استخبارية خاطئة أتت جزئيا من صدام نفسه، الذي خدع معظم الناس ليعتقدوا أن العراق يمتلك أسلحة دمار شامل لأنه كان يعتقد أن ذلك سيحميه من الغزو”.
وأضاف: “الأسئلة الأكثر صلة بالموضوع التي يجب طرحها اليوم هي ما هي الدروس التي يجب على الولايات المتحدة أن تستخلصها مما حدث في العراق بعد الإطاحة بصدام. يتنصل كل من الديمقراطيين والجمهوريين الآن من الحرب التي سمحوا بها سويا قبل عقدين من الزمن في إجماع غير عادي من الحزبين يساهم في استنتاج أوسع بأن مشاركة أمريكا في العالم بشكل عام والشرق الأوسط بشكل خاص غير مجدية ومهدرة”.
وتابع ليبرمان: “الحقيقة المؤلمة هي أننا ارتكبنا أخطاء فادحة في العراق بعد الإطاحة بصدام، والتي حصدت خسائر بشرية فادحة بين الأمريكيين والعراقيين. ليس من المستغرب أن يفكر الكثير من الأمريكيين في تدخلنا في العراق بمزيج من الغضب والعار، وبالتالي نعتقد أنه يجب علينا الآن تقليص مثالياتنا وتقليص ما نفعله لحماية أمننا خارج حدودنا”.
المصدر: RT