أخبار السودان:
اتسعت رقعة الاحتجاجات في السودان مؤخرا، بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية، وغلاء أسعار السلع الضرورية، وشح الوقود، ورغيف الخبز، والسكر، والزيت.
وأعلن والي ولاية الجزيرة (وسط)، عبد الله إدريس، حالة الطوارئ في جميع أنحاء الولاية اعتبارا من ليل الخميس، وحتى إشعار آخر، للحفاظ على ممتلكات المواطنين.
ومؤخرا، أعلنت 6 ولايات من 18، هي شرق وجنوب وشمال دارفور وغرب وشمال كردفان ، حظر التجوال، وسنار، في مسعى لاحتواء احتجاجات شعبية على تردي الأوضاع المعيشية ترافقها أعمال عنف ونهب.
ودعا القرار، وفقا للوكالة الرسمية، “كل الأجهزة الأمنية والشرطة، اتخاذ الحيطة والحذر لحماية ممتلكات وأرواح المواطنين”.
وطالب والي الجزيرة، المواطنين “التبليغ عن أماكن وتجمعات عناصر النظام المباد، وعن قياداتهم السياسية ومحتكري السلع ومخربي الاقتصاد، وذلك بناء على سلطاته بموجب الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية، واستنادا على قانون الطوارئ والسلامة العامة وحفاظا على المواطنين والممتلكات العامة والخاصة”.
بدوره قال والي ولاية شمال دارفور، محمد حسن عربي، إن الأيام القادمة ستشهد صدور عدد من القرارات الثورية تتضمن اعتقالات وإعفاءات وتنقلات لعناصر النظام البائد بالولاية.
وذكر الوالي، طبقا لوكالة الأنباء الرسمية، أن “القرارات تأتي “كإنفاذ فوري لقرارات لجنة إزالة التمكين وتفكيك نظام الثلاثين من يونيو والتي قضت بإلقاء القبض على العناصر الفاعلة لحزب المؤتمر الوطني المحلول في حاضرة الولاية والمحليات للحد من مخططاتهم وأعمالهم التخريبية”.
ومؤخرا، أصدرت لجنة تفكيك “نظام الإنقاذ”، توجيها لكل رؤساء لجان التفكيك بالولايات (ولاة الولايات) باتخاذ إجراءات جنائية بواسطة النيابة العامة بموجب قانون التفكيك نظام الثلاثين من يونيو 1989 وإزالة التمكين لسنة 2019 تعديل لسنة 2020 وقانون مكافحة الإرهاب وغسل الأموال لسنة 2014 والقانون الجنائي لسنة 1991 تعديل 2020.
وذكرت اللجنة في بيان أنها “امتلكت معلومات كافية عن نشاط أعضاء الحزب المحلول وتنظيمهم لأعمال حرق ونهب وإرهاب للمواطنين العزل يجافي نسق الاحتجاج الذي درجت قوى الثورة الحية بتنظيمه.
وفي 28 نوفمبر 2019، أجاز مجلسا السيادة والوزراء الانتقاليان قانون “تفكيك نظام الإنقاذ”، وهو يلغي الحزب الحاكم سابقا ويحجز أمواله ويسترد أملاكه لصالح وزارة المالية.
وفي 30 يونيو 1989، استولى البشير على السلطة بانقلاب عسكري أُطلق عليه “ثورة الإنقاذ”، ثم عزلته قيادة الجيش من الرئاسة، في 11 أبريل 2019، تحت ضغط احتجاجات منددة بتردي الأوضاع الاقتصادية.
وفي الآونة الأخيرة، شهدت عدة مدن سودانية احتجاجات تنديدا بالتدهور الاقتصادي في البلاد وارتفاع الأسعار.
وشهدت مدن الخرطوم، ونيالا ، والخوي، والأبيض، والقضارف و بورتسودان، والفاشر والضعين، والفولة، خلال الأيام الماضية، احتجاجات عنيفة تخللتها أعمال تخريب ونهب للمحلات التجارية، وحرق سيارات الشرطة، بسبب تردي الأوضاع المعيشية.
**قنابل الغاز
وأطلقت قوات الشرطة، الثلاثاء الماضي، قنابل الغاز المسيل للدموع وطلقات الرصاص الحي في الهواء لتفريق تظاهرات جديدة بمدينة نيالا، مركز ولاية جنوب دارفور، احتجاجا على تردي الأوضاع الاقتصادية.
وأفاد شهود عيان، “اليوم التالي”، بأن مئات المتظاهرين خرجوا في وسط نيالا؛ حيث أحرق بعضهم إطارات سيارات في الشوارع.
وأضاف الشهود أن الشرطة أطلقت عبوات الغاز المسيل للدموع والأعيرة النارية في الهواء لتفريق المتظاهرين الذين رددوا شعار “سلمية.. سلمية”.
وأشار الشهود إلى انتشار كثيف لقوات الأجهزة الأمنية في سوق نيالا الكبرى، التي شهدت مصادمات بين قوات الشرطة والمتظاهرين؛ ما اضطر السلطات المحلية إلى إغلاق السوق، مع ارتفاع وتيرة المظاهرات، وتتريس الشوارع.
من جانبه، رفض والي ولاية جنوب دارفور، موسى مهدي، التعليق للصحيفة، على التظاهرات والأوضاع الأمنية في ولايته؛ عازيا ذلك إلى انشغاله بمتابعة ما يجري في الشارع.
وقررت لجنة أمن الولاية، الإثنين الماضي، تعليق الدراسة لمرحلتي الأساس والثانوي، اعتبارا من يوم الثلاثاء الماضي، بسبب التظاهرات المستمرة بالمدينة خلال الأيام الماضية.
** أمر طوارئ
والثلاثاء الماضي، أصدرت لجنة أمن ولاية جنوب دارفور أوامر طوارئ وحظر التجوال بمدينة نيالا حاضرة الولاية من الساعة السادسة مساء وحتى السادسة صباحا وذلك على خلفية مظاهرات وأعمال شغب شهدتها المدينة.
وأكد والي ولاية جنوب دارفور موسى مهدي، أن قوات الشرطة بولاية جنوب دارفور تمكنت من تفريق مظاهرات وأعمال شغب بمدينة نيالا، بعد أن قام متظاهرون بمحاولة الاعتداء على المحال التجارية بسوق نيالا.
وقال مهدي في تصريح إعلامي لوكالة الأنباء الرسمية، إن القوات ضبطت أسلحة وذخائر بحوزة متظاهرين وتم توقيفهم، مشيرا إلى خسائر قليلة في الممتلكات وعدم وجود خسائر في الأرواح.
**رشق بالحجارة
كما شهدت مدينة بورتسودان، مركز ولاية البحر الأحمر ، الثلاثاء الماضي أيضا، تظاهرات احتجاجا على تردي الأوضاع الاقتصادية، أيضا.
وتجمع عشرات المتظاهرين في شوارع المدينة منددين بسوء الأوضاع المعيشية، مطالبين بسقوط الحكومة الانتقالية، بحسب شهود عيان تحدثوا لصحيفة “اليوم التالي”.
كما ذكرت وكالة أنباء السودان الرسمية، أن مدينة بورتسودان شهدت مظاهرات طلابية متفرقة في أنحاء المدينة ما أدى إلى تعطيل الدراسة وإغلاق معظم المحلات التجارية تحسبا لطوارئ المظاهرات، وذلك احتجاجا على أزمة الخبر التي حدثت بسبب إضراب أصحاب المخابز عن العمل للمطالبة بزيادة أسعار الخبز من 2 جنيه إلى 5 جنيهات نسبة للزيادات التي حدثت في أسعار مدخلات إنتاج الخبز “الخميرة، الغاز، الكهرباء، وأجور العمال”.
وذكرت الوكالة الرسمية، أن مبنى محلية بورتسودان، تعرض إلى رشق بالحجارة وتم إشعال النار في إطارات السيارات في بعض الشوارع الرئيسية.
وفي مدينة الأبيض مركز ولاية شمال كردفان، تجددت الاحتجاجات أيضا، بسبب الضائقة المعيشية.
**نهب وسلب
وذكر شهود عيان لصحيفة “اليوم التالي” – وقتها- ، أن المتظاهرين خرجوا إلى الشوارع رافعين شعارات تندد بالحكومة الانتقالية وفشلها في إدارة الأزمة الاقتصادية.
وأفاد الشهود أن المتظاهرين مارسوا عمليات نهب وسلب للمحلات التجارية، ما اضطر السلطات إلى إغلاقه فورا.
أصدر والي ولاية شمال كردفان، خالد مصطفى آدم، الإثنين الماضي، قرارا بإعلان حالة الطوارئ بجميع أنحاء الولاية، بالإضافة إلى حظر تجوال ليلي، عقب احتجاجات شعبية صاحبتها “أعمال عنف”.
ووفق وكالة الأنباء السودانية الرسمية، فإن حظر التجوال يبدأ من الساعة 6 مساءً حتى الساعة 6 صباحا.
وأوضح “آدم”، أن القرار جاء حفاظا على أرواح المواطنين والممتلكات.
وصباح الإثنين أيضا، اندلعت احتجاجات طلابية بمدينة الأبيض بولاية شمال كردفان، صاحبتها أعمال عنف وحرق لممتلكات عامة وخاصة، وذلك للمطالبة بتوفير مقومات الحياة من خبز ومواصلات.
وقرر حاكم الولاية أيضا، تعطيل المدارس حتى الأحد المقبل 14 فبراير الجاري، “وتشكيل لجنة عليا للتحقيق في الأحداث التي وقعت اليوم بعد مظاهرات سلمية لطلاب المدارس وانحرافها لأعمال نهب وتخريب”.
وأكد الوالي، أنه سيتم تقديم المجرمين للعدالة.
من جانبها، أدانت حكومة شمال كردفان، “الأحداث التخريبية من حرق الباصات ونهب ممتلكات المواطنين”.
بدوره، أفاد بيان صادر عن حزب المؤتمر السوداني أحد أحزاب قوى إعلان الحرية والتغيير (الائتلاف الحاكم)، اطلعت عليه “اليوم التالي” ، بأن مظاهرات طلابية سلمية خرجت في مدينة الأبيض للمطالبة بتوفير مقومات الحياة من خبز ومواصلات.
وأضاف: “لكن حدث اختراق للمظاهرة من فلول النظام السابق (نظام عمر البشير) .
وأدان الحزب، “الدمار والخراب الذي طال ممتلكات الدولة والمواطنين”.
ودعا الأجهزة الحكومية وقوات الشرطة للقيام بواجبها في حماية المواطنين وممتلكات والقبض على الجناة الذين قاموا بسلب ونهب وحرق الممتلكات العامة والخاصة.
**رحيل حكومة حمدوك
والخميس الماضي، تظاهر المئات بولاية القضارف شرقي السودان،، احتجاجا على تردي الأوضاع الاقتصادية، وانعدام الوقود رغيف الخبز، والانقطاع المستمر للتيار الكهربائي، وارتفاع تعرفة المواصلات العامة.
وأفاد شهود عيان، “اليوم التالي” ، أن مئات المحتجين في شوارع المدنية، رفعوا لافتات منددة بتدهور الأوضاع الاقتصادية، وتطالب برحيل الحكومة الانتقالية.
وأشار الشهود، إلى السلطات المحلية أغلقت سوق المدينة، تفاديا لعمليات النهب والسلب، وتخريب ممتلكات المواطنين.
وأوضح الشهود، أن المحتجين أشعلوا إطارات السيارات المشتعلة في الشوارع، ما أدى إلى تدخل القوات الأمنية لتفريق المتظاهرين بالغاز المسيل للدموع.
في الأثناء أعلنت حكومة ولاية القضارف في بيان – وقتها- تجدد الاحتجاجات وإغلاق المتظاهرين لعدد من الشوارع الرئيسية بالمدينة.
وأضاف، “عملت قوات الشرطة على مراقبة الموقف وحماية الممتلكات، وذلك بالمتابعة والتقييم المستمر للحدث، حيث تم تعزيز قوة للتعامل مع الموقف بحضور وكيل النيابة، وقامت الشرطة بواجباتها تجاه حفظ الأمن و بمهنية عالية حماية للممتلكات العامة والخاصة، وتمكنت من السيطرة على الوضع”.
وأكدت حكومة الولاية، وفقا للبيان، “سعيها واهتمامها بالعمل لتحقيق تطلعات المواطنين، والقيام بواجباتها في حفظ الأمن وتوفير الاحتياجات، حيث لن تكون هناك مساحة للمخربين والمحرضين”.
وأضاف، “ستظل الولاية متحدة حول أهدافها ومبادئ الثورة التي يرغب النظام المباد وحلفاؤه للنيل منها”.
وأعلنت الحكومة الولائية، وفقا لذات المصدر، العمل على ضبط تعرفة المواصلات بصورة تراعي كل الجوانب، وأكدت استعداد الأجهزة الأمنية لمراقبة الأوضاع بالولاية، واتخاذ الإجراءات القانونية في مواجهة المخربين”.
**وعود حكومية
بدوره قال وزير المالية الجديد، جبريل إبراهيم، بأنه لن يغ
صحيفة اليوم التاليمض له جفن حتى تنتهي صفوف الخبز و المحروقات، وتوفير الدواء المنقذ للحياة بسعر مقدور عليه.
وقال جبريل في تغريدة على “تويتر” “تعاون شعبنا وسلوكه المعبر عن وطنيته وإيثاره للآخر، ركن أساسي لإنجاز هذه المهمة في أقرب وقت”.
وأشار إلى أن التكليف بحقيبة المالية والتخطيط الاقتصادي في هذا الظرف الدقيق الذي يمر به وطننا العزيز مهمة عسيرة، ولكننا نعتمد على توفيق الله أولا، ثم على أرضنا المعطاءة، وتعاون شعبنا بكل قطاعاته، وشركائنا الاستراتيجيين في المحيطين الإقليمي والدولي لوضع اقتصادنا في مساره الصحيح”.
وأضاف أن “استقرار اقتصاد البلاد و نموه له مصلحة ليس لأهل السودان فقط، و لكن أيضا لاقتصاديات الإقليم والعالم قائلا: “نمد أيدينا لرجال أعمالنا في القطاع الخاص، و نتعشم في تعاونهم اللامحدود وبروح وطنية خالصة، لننتشل معنا اقتصاد بلادنا مما آل إليه”.
**أزمات متجددة
ويعاني السودان أزمات متجددة في الخبز والطحين والوقود وغاز الطهي، نتيجة ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه في الأسواق الموازية (غير الرسمية) إلى أرقام قياسية (الدولار = 55 جنيها في السوق الرسمية و300 في الموازية).
وتجلت الأزمة الاقتصادية في اصطفاف عدد كبير من المواطنين أمام المخابز، ومحطات الوقود لندرتها وعدم توفرها.
ويعيش السودان، منذ 21 أغسطس 2019، مرحلة انتقالية تستمر 53 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش و”قوى إعلان الحرية والتغيير”.
صحيفة اليوم التالي