توظيف تشاد للتنافس الروسي الغربي
من الطبيعي أن تسعي الدول إلى توظيف بعض الظروف لصالحها والاستفادة من تنافس القوي الكبري لتحقيق المزيد من المكاسب وهذا ما يظهر في كثير من النماذج.
وفي اجواء التنافس الروسي الغربي المحتدم على أفريقيا فان بعض الدول تسعي إلى كسب نقاط ما كان لها ان تحصل عليها في غير حالة الاحتقان والتنافس الحاد وشدة الكيد المتبادل من هذه القوي الكبرى لبعض ، وتجتهد الدول الساعية للاستفادة من هذا الظرف إلى البحث ما أمكن عن نقاط قوة تملكها او نقاط ضعف في احد الأطراف المتنافسة لتوظيف ذلك في تحقيق افضل مكسب.
ومن هذه النماذج تشاد التي تبحث عن افضل وسيلة ممكنة تحقق بها مصالحها في ظل التنافس الحاد بين روسيا والغرب على القارة الأفريقية وفي ظل التوتر الكبير بين الجانبين المتنافسين او لنقل المتصارعين.
وكانت انباء قد راجت بان تشاد طلبت
من الجانب الأمريكي الانسحاب من قاعدة جوية تتخذها القوات الأمريكية مقرا لها وعللت انجمينا الطلب بأن فترة الاتفاق على بقاء الجنود الامريكان تنتهي نهاية شهر أكتوبر ولم يتم الحديث عن تجديد الاتفاق قبل فترة كافية بحسب ماتقتضيه الأعراف ، وتعلم انجمينا ان انشغال واشنطون بالانتخابات الرئاسية قد لايتيح مجالا للنقاش معها حول الامر مما يعتبر فرصة يمكن لموسكو استغلالها بان تحل قواتها محل القوات ألامريكية خصوصا وان موسكو قد تواجدت في المحيط فقواتها حلت النيجر وأفريقيا الوسطي وتتهيا للنزول ببوركينافاسو ومالي مما يجعل من العرض التشادي مغريا ويمكن أن تنال انجمينا بموجبه الكثير من العون الروسي.
ويأتي الطلب التشادي بعد أقل من شهر من قرار النيجر المجاورة وبصورة منفردة، إنهاءَ الاتفاقية الأمنية مع واشنطن، ومطالبتها بالرحيل عن البلاد، وتزامن ذلك مع وصول فيلق أفريقيا الروسي إلى نيامي والذي سيعمل بشكل علني على دعم النيجر، وبقية الدول الغاضبة من الغرب ، كما جاء طلب انجمينا بعد فترة وجيزة من زيارة الرئيس محمد ديبي لموسكو التي تسعى الآن لأن تكون بديلًا للغرب في أفريقيا بصفة عامة، ومنطقة وسط القارة والساحل بصفة خاصة ، كما جاء طلب تشاد بعد اعلان مالي والنيجر وبوركينا فاسو، عن تشكيل تحالف دفاعي جديد مع موسكو، عوضًا عن تحالف دول الساحل “G-5 ” لمحاربة الإرهاب في الإقليم والذي يضمّ أيضًا تشاد وموريتانيا، وبالتّالي قد تفضل نجامينا البديل الروسي، والانضمام لهذا التحالف البديل عن التحالف الغربي.
ومن الواضح انّ تشاد أرادت توجيه رسالة لواشنطن بمنع تدخلها في الانتخابات الرئاسية المزمع قيامها قريبا والتخلي عن دعم المعارض للرئيس محمد ديبي ، فضلًا عن رغبتها في تحسين شروط الاتفاقية الأمنية، بما يحد من تغلغل واشنطن في البلاد.
ويبدو أنّ هذا هو الإنذار الأوّل لواشنطن التي عليها إما الانصياع، أو الطرد لصالح الدبّ الروسي الجاهز فورًا للتدخل على غرار النيجر المجاورة.
سليمان منصور