كعادته الانتهازية لم يترك تجمع المهنيين السودانيين المختطف بواسطة الكوادر الشيوعية فرصة الانقضاض على حراك ٢٩ رمضان الذي سهرت عليه دموع وعيون أسر الشهداء وجراح المصابين، حيث أصدر التجمع بيانا انتهازيا يحتوي فيه الحراك ويضع له الموجهات، وكأنه القائد له، في استغلال بشع، وانتهازية مقيتة ليست غريبة على هذا التجمع.
أسر الشهداء والمصابون يحملون قضية واضحة لا ينكرها احد ولا يقف أمامها سد، فهم أصحاب حق في القصاص والعدالة، وكلمتهم يحترمها الجميع في الحكومة وفي الشارع، أما تجمع المهنيين الانتهازيين فهم أصحاب غرض وذوو أجندة خفية لا يحظون باحترام ولا توقير، اجندتهم الخفية ليست وليدة اليوم بل هي أجندة تاريخية بدأوها في عام ١٩٦٩ بانقلابهم المشئوم على الشرعية الديمقراطية، ثم قتلهم لآلاف الأنصار في مجزرة فض اعتصام الجزيرة ابا في عام ١٩٧٠ وقتلهم لإمام الأنصار الإمام الشهيد الهادي المهدي، ثم انقلابهم الثاني عام ١٩٧١ وتصفيتهم للضباط العزل في مذبحة بيت الضيافة، وهي مجازر مروعة لم يعتذروا عنها حتى الآن ولم يقدموا لمحاسبة عليها، ومن عجب يبكون اليوم بدموع التماسيح على شهداء فض اعتصام القيادة العامة!!
الخطة الحمراء بدأت منذ أيام الثورة الأولى حين كانوا في الخفاء يدعمون من وراء جدر مشيدة ثورة الشباب الاعزل، وحين ارتقت ارتال الشهداء وضمخت الدماء الطرق وانتصرت الثورة ولم يعد ثمة امن متربص، نفذوا أسوأ فعل شهدته الثورة منذ قيامها حين اختطفوا تجمع المهنيين بانتخابات مخجوجة، وحولوه من مارد إلى مسخ، أرادوا بهذا الاختطاف ان يدجنوا تجمع المهنيين قائد الثورة، وأن ينفذوا من خلاله خطتهم وهدفهم التاريخي في الاستيلاء على السلطة بالشرعية الثورية، وتنفيذ خطة تصفيات ممنهجة لكل تيارات السياسة في البلد ولو أدى ذلك إلى تكرار ما حدث في الجزيرة ابا وما حدث لإمام الأنصار الهادي المهدي.
لذلك على حراك ٢٩ رمضان الحذر كل الحذر من هؤلاء الانتهازيين، سارقي الثورات ومنفذي المذابح، فهؤلاء لا مصلحة لهم في القصاص للشهداء، لا مصلحة لهم في علاج المصابين، ولا مصلحة لهم في مجيء واستدامة النظام الديمقراطي، فهم يعلمون أن الديمقراطية لن تاتي بهم للحكم ولو استدامت ليوم يبعثون، لذلك يبحثون عن الفوضى عن إعادة الهياج الأعمى والقتل والدماء من أجل أن ينقضوا على السلطة بانقلاب دموي يفرض سطوته بالحديد والنار ويذيق السودان وشعبه اضعاف ما اذاقهم النميري والبشير، فهل يعلم حراك رمضان ذلك؟! ام انه قد بلع الطعم!!.
على الشرفاء من قادة حراك ٢٩ رمضان ان يعلموا ان اختطاف حراكهم بواسطة تجمع المهنيين الانتهازيين يعني احد اثنين اما نهاية الحراك نتيجة انفضاض الجماهير عنه حين يعلمون أن في قيادته هذا التجمع الانتهازي، أو نهايتهم هم حين يختطف التجمع الحراك لتنفيذ أجندته الخاصة و(يفكهم عكس الهواء)، لو أراد تجمع المهنيين الانتهازيين ان ينفذ حراكا ثوريا فليعلن له بنفسه لا ان يتسلق دعوة أسر الشهداء والمصابين، ولكنه لن يفعل، لانه يعلم أن الشارع قد ركله، وان دعوته لن تجد استجابة الا من السذج والمغفلين، انتهى الدرس، وعلى تجمع الاختطاف الاعتذار لجماهير الشعب السوداني، وحل هذا التجمع، فإن تجربة التجمع في قيادة ثورة ديسمبر غير قابلة للتكرار ولا النسخ، وإن الذين يسرقون أدوات الشعوب ووسائلها للحرية لا يظفرون الا بالندم والخسران.