انعدام الرقابة وفوضى السوق
المتابع لما تشهده أسواقنا يشهد حجم الفوضى العارمة التى تسود ، وتحيل حياة الناس إلى جحيم ، فهل يمكن تصور أن أى متجر يحدد سعره بالطريقة التى يريدها ؟ وهل من المقبول أن نرى الاسعار كل يوم فى تغيير دون أى ضمير يمنع التجار من الإفراط فى الطمع والابتعاد عن الإنسانية ، أو رقابة رسمية تلجم الجشعين وتوقفهم عند حدهم ؟ انه لامر عجيب أن يتعايش الناس مع هذا الوضع المزرى والسلوك المعيب .
الباعة صغارا وكبارا يحددون السعر كما يرغبون هم وليس وفقا لآلية السوق وقوانين العرض والطلب التى تحكم السوق ، والدولة بعيدة جدا عن هذا الملف ، وكان حياة الناس وتنظيم تعاملهم مع بعض وضبط السوق كان هذه أمور خارج نطاق مسؤوليتها .
امر اخر ينبئ عن استحكام الجشع ويشجعه غياب الرقابة بشكل كامل الا وهو الارتفاع المستمر فى الأسعار بحجة زيادة الدولار وعندما تتحسن قيمة الجنيه تكون الاسعار فى نفس مكانها ولاتنزل ، وهذه احدى صور الجشع واللامسؤولية التى تتسبب فى زيادة معاناة الناس ، والشيئ الاخر السلبى فى هذا السياق هو استمرار بعض التجار فى رفع الأسعار أو على الأقل الإبقاء على السعر مرتفعا بالرغم من قيام المصانع والجهات المنتجة بتخفيض السعر واحيانا تخفيض أكثر من مرة دون أن ينعكس ذلك على السعر المعروض على المستهلك ، والمثال الأبرز لهذا الموضوع أن
المطاحن مثلا خفضت اسعار الدقيق ، وكثير من المخابز ترفض تعديل السعر فى تصرف غريب يدلل على الجشع الزائد والمستحكم فى البلد ، وهنا يلزم تدخل الجهات الرسمية لحسم هذه الفوضى المشينة ، وعلى الناس أيضا التحلى ببعض المسؤولية ومقاطعة هذه المخابز وحملها على تعديل سلوكها المعيب ، وباستطاعة الناس فعل ذلك وصنع التغيير .
وعن معاناة الناس مع هذه المخابز واصحابها الجشعين دعونا نقرأ الخبر التالى :
اعلنت المطاحن انخفاض اسعار الدقيق اعتبارا من يوم الاثنين 11 ابريل ، من 30 الف جنيها للجوال 50 كيلو الى 26 الف جنيها وذلك تماشيا مع انخفاض واستقرار سعر الدولار.
وتشير (سونا) الى ان تخفيض اسعار الدقيق من المطاحن اليوم هو الثاني ، حيث كان التخفيض الاول الاسبوع الماضي من 34 الف جنيها للجوال الى 30 الف جنيها .
ومقابل ذلك لم تخفض المخابز اسعار الخبز للمستهلك .اذ استمرت اسعار الخبز في ارتفاع مستمر وصلت الى 50 جنيه لقطعة الخبز في العديد من المناطق .
وانتقد اقتصاديون غياب الرقابة الحكومية على المخابز مشيرين الى ان قطعة الخبز زنة 60 جرام مفترض تباع بسعر 35 جنيه في المخبز ،شامل 15% ارباح لصاحب المخبز.
وقطعة الخبز زنة 50 جرام مفترض تباع بسعر 30 جنيه ،ايضا شامل 15% ربح لصاحب المخبز وطالب اقتصاديون ومستهلكون بتفعيل دور حماية المستهلك ، والدور الرقابي لوزارة التجارة واتخاذ اجراءات بتحديد اسعار واوزان الخبز ، وحماية المستهلك بما يخفف من ارتفاع تكلفة المعيشة.
ماذا نقول عن هذا الموضوع ؟ كان الله فى عون الشعب المسحوق وهو يجابه الفوضى العارمة فى السوق ويفتقد الرقابة الرسمية مما أحال حياة الناس إلى واقع مر بكل اسف.
بقلم: سليمان منصور