الناتو العربي تظاهرة اعلامية ليس الا
مع إعلان السعودية والإمارات كل على حدة ، وبشكل رسمى ، عن عدم نية البلدين الدخول فى اى تحالف مع أمريكا وإسرائيل ضد ايران ، وهو ما يشار اليه بالناتو العربى ، مع هذا الإعلان ، اعتبر البعض ان الخطوة ليست إلا خدعة وعدم مجاهرة بالموقف الحقيقى للإمارات والسعودية الذى لا يشك احد انه شديد التماهى مع الموقف الأمريكى الاسرائيلى المعادى لإيران ، وقد تكون ضرورة المرحلة هى التى اقتضت اعلان ابو ظبى والرياض ما اعلنتاه ، على أن يتركا للعاهل الأردنى الملك عبد الله الثانى القيام بالدور الحقيقى وهو التحرك بنشاط فى الترويج لهذا الحلف وتبنى قيامه والدعوة اليه ، وقد راينا ان ولى العهد السعودى استبق زيارة الرئيس بايدن للمنطقة بجولة شملت مصر والأردن وتركيا ، ولاتخفى القاهرة وعمان حماسهما لإنشاء التحالف المقترح ، وتسعيان بقوة إلى تأسيس رابط قوى يضم دولا عربية أخرى إلى جانبهما وإسرائيل حتى لايكونا وحدهما من يرتبطان وينسقان علنا مع العدو الصهيونى ، وليفهم الجمهور العربى ان دولا عربية أخرى غير مصر والأردن تتشاركان العلاقات والمصالح والتنسيق مع اسرائيل.
آخرون اعتبروا ان الاعلان الرسمى للامارات والسعودية عن عدم اشتراكهما فى هذا التحالف والقول بإنهما ليسا بصدد الانخراط فى اى عمل عدائى مع إيران ، البعض اعتبر ان هذا الإعلان فى حد ذاته وبغض النظر عن دوافعه ومدى جدية المعلنين فإنه ينضم إلى سلسلة الهزائمُ الكثيرةٌ والمتكرّرةٌ التي يتلقاها محورُ الشر الأمريكي الإسرائيلي كُـلَّ يوم في المنطقة ، وان كثيرين ممن يعنيهم الامر باتوا على يقين بأن الرهان على أمريكا فى توفير حماية كاملة لهم فى حال انخرطوا فى حرب على ايران ولو بتوفير المطارات والموانئ التى تشن منها الهجمات انه رهان خاسر ، وهذه تجربة أوكرانيا ماثلة للعيان ، خاصة مع اطمئنان الدول المعنية فى المنطقة ان ايران لاترغب فى الحرب ولكنها لاتخشاها ، وأنها بالتأكيد لن تبداهم باى عدوان ، وفى نفس الوقت لن تتوانى قط فى الرد وبقوة على كل من اشترك فى العدوان عليها ، وباى شكل كان هذا العدوان ، وسوف تتناسب درجة الرد مع العدوان ، وهذا يعنى بشكل واضح ان هذا الأمر من الجد عند ايران بحيث لايمكن المزاح فيه ، وفى الاذهان تحضر دوما الضربة الصاروخية التى شنتها ايران ضد القاعدة العسكرية الأمريكية فى عين الأسد غرب العراق ، عقب استشهاد الجنرال قاسم سليمانى ، ومدى الخوف الذى انتاب أمريكا ، والذهول الذى سيطر على الكثيرين فى العالم من جرأة ايران وشجاعتها إذ تبنت رسميا الهجوم على القاعدة ، مما اعتبر هزيمة لامريكا فى سوح النزال ، فكيف والحال هذه يقدم اى طرف عربى على الاشتراك فى الهجوم على ايران وهو يعلم أن الرد الايرانى المزلزل لن يتخطاه ولن يقف عنده حتما.
هذه العوامل وغيرها تجعل من المستبعد قيام الناتو العربى وان قام فإنه لن يكون فاعلا ولن يتعدى التظاهرة الإعلامية.
سليمان منصور