الموت في الصحراء: محنة السودانيين في رحلتهم غير الشرعية إلى مصر
مع تصاعد تداعيات الحرب الأهلية في السودان، يلجأ العديد من السودانيين إلى الهجرة غير الشرعية بحثا عن الأمان والاستقرار في مصر. هذه الهجرة تأتي كنتيجة مباشرة لصعوبة الحصول على تأشيرات دخول من القنصليات المصرية في بورتسودان ووادي حلفا، حيث يمكن أن يستغرق تحديد موعد لتقديم جواز السفر للحصول على التأشيرة بين ثلاثة إلى أربعة أشهر بسبب الازدحام الشديد.
الطرق غير الشرعية: مخاطر وعواقب
مع تضاؤل الخيارات الشرعية، يجد العديد من السودانيين أنفسهم مضطرين لاختيار طرق التهريب، مستغلين عروض المهربين غير القانونية التي تستهدف الأفراد الأكثر ضعفا. هذه الرحلات غير القانونية لا تخلو من المخاطر الكبيرة، حيث يتعرض المهاجرون لحوادث مختلفة. مستشفيات أسوان استقبلت مؤخرا عددا كبيرا من الحالات الناجمة عن هذه الرحلات الخطيرة، في حين امتلأت المشارح بالجثث، مما يعكس حجم المأساة التي يعيشها هؤلاء المهاجرون.
جثث في الصحراء وأوضاع إنسانية مروعة
ناجون من تلك الرحلات الشاقة أشاروا إلى مشاهد مأساوية من الصحراء، حيث تنتشر الجثث لأسباب تتراوح بين الحوادث المرورية، تعطل المركبات، والعطش الشديد. تزايد نشاط المهربين خلال فصل الصيف، الذي شهد درجات حرارة مرتفعة غير مسبوقة، أدى إلى زيادة حالات الوفيات بين المهاجرين، خاصة بين الأطفال وكبار السن.
حالات إنسانية صعبة في أسوان
مدينة أسوان، التي تعتبر الوجهة الأولى للكثير من هؤلاء المهاجرين، تشهد يوميا وصول العديد من الحالات الحرجة، بما في ذلك الوفيات الناجمة عن ضربة الشمس والإجهاد الحراري. مواقع التواصل الاجتماعي تعج بالنداءات الإنسانية من السودانيين في أسوان، مطالبين بتقديم المساعدة لأولئك الذين يصلون في حالات صحية سيئة أو يفقدون الاتصال بأسرهم عند وصولهم إلى مصر.
نداءات التحذير والتدخل المطلوب
القنصلية السودانية في أسوان أصدرت تحذيرات للمواطنين السودانيين من مخاطر التهريب، مشيرة إلى العديد من الحوادث المرورية والوفيات المرتبطة بهذا الأمر. القنصلية نبهت إلى أن التهريب يعرض المهاجرين لمخاطر كبيرة مثل الابتزاز والاعتقال والنهب من قبل عصابات تهريب البشر.
مأساة عائلية وتحذيرات من السلطات
شهدت أسوان مؤخرا حادثا مأساويا حيث فقدت عائلة سودانية مكونة من الأب والأم وطفليهما حياتهم بسبب العطش والتوهان في الصحراء. تم العثور على جثثهم في مركبة “توك توك” بعدما تخلى عنهم السائق في حي سكني خوفا من المساءلة القانونية. هذه الواقعة أثارت موجة من النداءات الإنسانية على وسائل التواصل الاجتماعي لتقديم المساعدة للآخرين الذين يصلون في حالات إنسانية متدهورة.
زيادة في أعداد الوفيات والتحذيرات المتواصلة
التقارير تشير إلى تزايد عدد الوفيات بين المهاجرين غير الشرعيين، حيث سجلت مستشفيات أسوان وحدها 24 حالة وفاة في غضون يومين. كما أن المشارح ممتلئة بالجثث، مما يعكس الوضع الكارثي للمهاجرين الذين يخاطرون بحياتهم للوصول إلى بر الأمان.
نداءات من العاملين في القطاع الطبي
د. امتياز، مناوب في مستشفى أسوان، أشار إلى أن المستشفى استقبل في وردية واحدة حوالي 8 حالات وفاة، معظمهم من كبار السن والأطفال، بسبب الجفاف وضربات الشمس. وأضاف محذرا: “رجاء، من لا يريد الموت في الشارع، لا يسافر في هذه الأيام، المهربون يهتمون فقط بأموالكم”.
دعوة للتدخل الإنساني
تتزايد الدعوات للتدخل العاجل من قبل السلطات السودانية والمصرية والمنظمات الإنسانية لوقف هذه الظاهرة الخطيرة وتقديم الدعم للمهاجرين الذين يعانون من أوضاع إنسانية صعبة في أسوان.