الفاشر في مهب العاصفة: أزمة إنسانية وتداعيات الصراع السوداني
مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، تشهد أزمة حادة نتيجة الصراع العنيف الذي يجتاح السودان. مع تزايد تدفق النازحين الفارين من الحرب، أصبح عدد اللاجئين في المدينة يزيد على مليون شخص، مما جعل الفاشر مركزًا للنزاع المحتدم. القوات المسلحة السودانية (SAF) بقيادة عبد الفتاح البرهان تسيطر على المدينة، بينما تفرض قوات الدعم السريع (RSF) بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) حصاراً خانقاً وتشن هجمات متكررة عليها، مما جعل الفاشر ساحة لأحداث العنف المستمرة.
تدهور الأوضاع الإنسانية
تعاني الفاشر، كما هو الحال في باقي أنحاء السودان، من تصاعد العنف الذي يهدد حياة الملايين. القصف المتواصل وغياب المساعدات الإنسانية يعمقان الأزمة، ويجعلان المدينة تواجه كارثة إنسانية محتملة. الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية نبهت مؤخراً إلى أن ملايين الأشخاص في السودان معرضون لخطر المجاعة بعد أن شردتهم الحرب.
أليس ويريمو نديريتو، مستشارة الأمم المتحدة لمنع الإبادة الجماعية، نبهت إلى الوضع الكارثي في السودان، مشيرة إلى أن العنف في دارفور قد يكون وصل إلى مستوى الإبادة الجماعية. المدنيون يتعرضون للهجوم والقتل بسبب لون بشرتهم وانتمائهم العرقي.
شهادات منظمات الإغاثة
منظمة أطباء بلا حدود أكدت على خطورة الوضع في الفاشر، مشيرة إلى مقتل 145 شخصًا على الأقل وإصابة أكثر من 700 آخرين منذ العاشر من مايو. العنف المتزايد أجبر المنظمات الإنسانية على وقف أنشطتها، مما زاد من تفاقم الأزمة الإنسانية.
الفاشر تحت الحصار
في ظل الظروف الصعبة، تعيش الفاشر مأساة إنسانية تحت حصار قوات الدعم السريع. الهجمات المستمرة تزيد من احتمالات وقوع كارثة إنسانية في المدينة. مارينا بيتر، رئيسة منتدى السودان وجنوب السودان الألماني، حذرت من أن الفاشر على وشك مواجهة مجاعة. إذا استولت الميليشيات على المدينة، قد يحدث تدفق كبير للاجئين وزيادة هائلة في أسعار المواد الغذائية، مما سيؤدي إلى تفاقم معاناة الفقراء الذين قد يصبحون ضحايا لمجزرة محتملة.
تحالفات هشة وضغوط الوقت
الصراع في السودان يعتمد بشكل كبير على التحالفات المحلية مع الميليشيات، مما يعقد السيطرة على الوضع. وكلما طالت فترة الحرب، زادت احتمالات انهيار هذه التحالفات، مما يزيد الفوضى. تحليل مجموعة الأزمات الدولية يشير إلى أن الصراع في السودان دخل مرحلة جديدة خطيرة، مع استمرار التفكك.
دور الفاعلين الدوليين
تلعب التحالفات الدولية دورًا متزايدًا في هذا النزاع. عبد الفتاح البرهان حاول تعزيز علاقاته بإيران في خطوة دبلوماسية مثيرة للجدل، وحصل على دعم من مصر والسعودية. في المقابل، يلقى حميدتي دعمًا من الإمارات العربية المتحدة وروسيا، حيث سمح لميليشيا فاغنر بالتنقيب عن الذهب في السودان.
مصالح متباينة للدول الكبرى
عالمة السياسة هاجر علي ترى أن الإمارات وروسيا تسعيان لتوسيع نفوذهما في أفريقيا عبر السودان، مستفيدتين من حالة عدم الاستقرار المستمرة. غياب المؤسسات القوية والفعالة في السودان يسهل التفاوض وإنشاء قواعد عسكرية أو وجود دبلوماسي بطرق غير رسمية، مما يجعل الفوضى أكثر جاذبية لبعض الدول.
الحاجة إلى تحرك دولي
بصفة عامة، يبدو أن الفاعلين الدوليين ليس لديهم اهتمام حقيقي بحل الصراع في السودان. يُعتبر السودان بوابة إلى البحر الأحمر وأفريقيا، مما يجعل استقراره أو عدمه أمرًا ذا أهمية للدول الكبرى. في هذا السياق، تظل الفوضى المتحكم فيها أكثر تفضيلاً من السلام الدائم.
الخلاصة
مأساة الفاشر تجسد تعقيد الصراع في السودان وتبرز التحديات الإنسانية الهائلة التي يواجهها السكان. في ظل غياب استجابة دولية فعالة، يبقى الأمل في تحرك قوي من المجتمع الدولي لتخفيف المعاناة وضمان العدالة للضحايا.
أحمد هيثم