أكد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي اليوم الأحد أن بلاده لن تألو جهداً ولن تدخر أي محاولة في سبيل وقف الحرب في السودان، داعيا إلى تكاتف المساعي للتوصل لحل سياسي شامل ينهي الأزمة.
وجاءت تصريحات السيسي خلال لقاء مع وفد سوداني من المشاركين في مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية في مصر، بحضور بدر عبدالعاطي وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين في الخارج، وعباس كامل رئيس المخابرات العامة، بالإضافة إلى عدد من ممثلي الأطراف الإقليمية والدولية، من بينهم وزير خارجية تشاد، وكبار مسؤولي دول الإمارات وقطر وجنوب السودان وألمانيا، فضلا عن ممثلي الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية والأمم المتحدة، وسفراء فرنسا والمملكة المتحدة والنرويج والاتحاد الأوروبي والسعودية بالقاهرة، وفق المتحدث باسم الرئاسة أحمد فهمي .
وشدد السيسي على ضرورة تكاتف المساعي للتوصل لحل سياسي شامل يحقق تطلعات شعب السودان وينهي الأزمة العميقة متعددة الأبعاد التي يعيشها السودان، بما تحمله من تداعيات كارثية على مختلف الأصعدة.
وحث الرئيس المصري على ضرورة أن يتضمن الانتقال للمسار السياسي للأزمة مشاركة كافة الأطراف، وفقاً للمصلحة الوطنية السودانية دون غيرها، وأن يكون شعار “السودان أولاً” هو المحرك لجميع الجهود الوطنية المخلصة، فضلاً عن ضرورة أن ترتكز أية عملية سياسية ذات مصداقية على احترام مبادئ سيادة السودان ووحدة وسلامة أراضيه، والحفاظ على الدولة ومؤسساتها، باعتبارها أساس وحدة وبناء واستقرار السودان.
وأكد حرص مصر على التنسيق والتعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين لحل الأزمة السودانية، موضحا أن بلاده تبذل أقصى الجهد، سواء ثنائيا، أو إقليميا ودوليا، لمواجهة تداعيات الأزمة السودانية.
وأشار السيسي في هذا السياق إلى إرسال مصر عددا كبيرا من شحنات المساعدات الإنسانية إلى السودان، فضلاً عن استضافة ملايين السودانيين.
ورحب المتحدثون من رموز القوى السياسية والمدنية السودانية بمساعي القيادة المصرية لتقريب وجهات نظر الأطراف السودانية للخروج من الأزمة الحالية، وبالدعم الذي تقدمه مصر.
واجتمعت في القاهرة، السبت، القوى السياسية والمدنية السودانية في مؤتمر تبنته مصر، بهدف إيجاد حلول سياسية للأزمة في السودان، حيث نتج عنه بيان ختامي يدعو إلى “إيقاف الحرب”، دون عقد اجتماعات مشتركة بين الأطراف المشاركة.
وفي البيان الختامي للمؤتمر، السبت، طالبت القوى السياسية والمدنية السودانية بالوقف الفوري للحرب، بما يشمل آليات وسبل مراقبة الوقف الدائم لإطلاق النار ووقف الأعمال العدائية.
وأكد البيان على ضرورة الالتزام بإعلان جدة والنظر في آليات تنفيذه وتطويره لمواكبة مستجدات الحرب، كما اتفق المجتمعون على تشكيل لجنة لتطوير النقاشات ومتابعة هذا المجهود من أجل الوصول إلى السلام.
ويشير البيان الختامي لمؤتمر القاهرة، إلى اتساع قاعدة القوى السياسية والمدنية الرافضة للحرب في السودان، حيث أن تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، وأيضا الكتلة الديمقراطية المؤيدة للجيش واستمرار الحرب، اتفقتا على ضرورة إنهاء هذه المأساة.
وفي افتتاح “مؤتمر معا لوقف الحرب في السودان”، السبت، قال وزير الخارجية المصري، بدر عبدالعاطي، إن “أي حل سياسي حقيقي للأزمة في السودان لا بد وأن يستند إلى رؤية سودانية خالصة تنبع من السودانيين أنفسهم”، وفق بيان صادر عن الوزارة.
ومع ذلك، رفضت الكتلة الديمقراطية المتحالفة مع الجيش خلال المؤتمر عقد جلسات مشتركة مع تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” التي تتهمها الكتلة بالتعاطف مع قوات الدعم السريع، حسب وكالة رويترز.
بينما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصادر من الجانبين قولها إن مسؤولين حكوميين بينهم نائب رئيس مجلس السيادة، مالك عقار، ووزير المالية، جبريل إبراهيم، وحاكم دارفور، مني مناوي، رفضوا عقد لقاء مباشر مع رئيس الوزراء السابق، عبدالله حمدوك، وتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية السودانية.
وتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية هي تحالف يدعو لإنهاء الحرب ويضم أحزابا مؤيدة للديمقراطية وجماعات مسلحة ومنظمات من المجتمع المدني. وتضم الكتلة الديمقراطية المتحالفة مع الجيش عددا من قادة الجماعات المسلحة المشاركة في القتال.
ورغم نجاح مصر في تجميع هذه الفصائل، جلس الحضور الرئيسيون على جانبي القاعة في مواجهة بعضهما البعض عند افتتاح المؤتمر.
ولم يتفق الفصيلان السياسيان سوى على تشكيل لجنة فرعية صغيرة للتوصل إلى بيان نهائي يدعو إلى إنهاء الحرب، وهو البيان الذي رفض ثلاثة من قادة الكتلة الديمقراطية التوقيع عليه.
وقال وزير المالية السوادني جبريل إبراهيم لرويترز إنه أخبر المسؤولين المصريين بألا تكون لديهم طموحات كبيرة بخصوص هذا الاجتماع. ولم يوقع إبراهيم على البيان إلى جانب حاكم دارفور مني أركو مناوي ونائب مجلس السيادة الانتقالي مالك عقار.
وأضاف إبراهيم “في الظرف اللي شايفينو لو جلسنا وضحكنا وأكلنا وشربنا مع الناس المتحالفين ومتشاركين في الجرائم المرتكبة هنرسل رسالة خاطئة لمواطنينا وقواتنا”.
واعتبر أن نهاية الحرب لن تكون واقعية دون انسحاب قوات الدعم السريع من المناطق المدنية بموجب الاتفاق الموقع في جدة العام الماضي.
وسبق أن رعت الولايات المتحدة والسعودية جولات تفاوض عدة في مدينة جدة من دون أي نتيجة. كذلك فشلت وساطات الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا (إيغاد).
وأشارت الولايات المتحدة إلى إمكان استئناف المحادثات في جدة، إلا أن المعارك مستمرة بلا هوادة مع تحقيق قوات الدعم السريع مكاسب ميدانية وتقدمها نحو شرق البلاد الخاضع لسيطرة الجيش.
ورفض رئيس حمدوك الاتهامات التي تشير إلى أن تنسيقية “تقدم” على صلة بقوات الدعم السريع، قائلا إنه ينتظر موافقة الجيش على الاجتماع.
وقال لرويترز إنه من غير المتوقع أن تنتهي أزمة معقدة وصعبة مثل هذه في اجتماع واحد، وطالب بالتحلي بالصبر والبناء على أي نتائج إيجابية تخرج عن هذا الاجتماع.
والسبت قال المبعوث الأميركي الخاص للسودان توم بيرييلو في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية إنه على الرغم من عدم عقد المعسكرين لقاء مباشرا، أثبتت القاهرة أنه من الممكن “جمع لاعبين أساسيين من مختلف الأطياف السياسية”.
المصدر: العرب