أعلنت القوى المدنية السودانية الموقعة على “الاتفاق الإطاري”، التوافق على “بناء جبهة مدنية واسعة ورؤية سياسية لإنهاء الحروب وتأسيس وإعادة بناء الدولة السودانية الجديدة”.
وفي بيانها الختامي للاجتماع الذي عقد في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، تم “الاتفاق على بناء جيش واحد قوي يعكس تنوع السودان، ويخضع للسلطة المدنية، والتأسيس لنظام حكم مدني ديمقراطي حقيقي على جميع المستويات”.
وتضمنت الرؤية تأكيدا على أن يكون “نظام الحكم فيدرالياً يقوم على الاعتراف بالحق الأصيل لأقاليم السودان في إدارة شؤونها، وخطة لتبني نظام اقتصادي مختلط”، بالإضافة إلى “تفكيك نظام الرئيس السابق عمر البشير، ويشمل ذلك إنهاء هيمنة فلول النظام السابق، وإعادة تأسيس وبناء مؤسسات الدولة على أساس صحيح، يجعلها معبرة عن تعدد وتنوع السودان، وتلتزم بالمهنية والكفاءة وأسس الحكم الرشيد”.
وكان نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، مالك عقار، قال إنه أجرى مناقشات حول خارطة الطريق في السودان مع قوى سياسية ومجموعات مدنية سودانية لوقف الحرب خلال الفترة المقبلة.
وقال عقار خلال كلمة بثها التلفزيون السوداني تبدأ خارطة الطريق بالتوصل إلى وقف إطلاق نار بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع المتمردة”، مؤكدا أنه “سيعقب ذلك بداية العمليات الإنسانية وإيصال المساعدات الإنسانية للمواطنين في المناطق المتضررة من الحرب”.
وتتواصل، منذ أكثر من خمسة أشهر، اشتباكات عنيفة وواسعة النطاق بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في مناطق متفرقة من السودان، تتركز معظمها في العاصمة الخرطوم، مخلفةً المئات من القتلى والجرحى بين المدنيين.
وظهرت الخلافات بين رئيس مجلس السيادة السوداني وقائد القوات المسلحة السودانية، عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، للعلن، بعد توقيع “الاتفاق الإطاري” المؤسس للفترة الانتقالية بين المكون العسكري والمكون المدني، في شهر كانون الأول/ديسمبر الماضي، الذي أقر بخروج الجيش من السياسة وتسليم السلطة للمدنيين.
واتهم دقلو الجيش السوداني بالتخطيط للبقاء في الحكم، وعدم تسليم السلطة للمدنيين، بعد مطالبات الجيش بدمج قوات الدعم السريع تحت لواء القوات المسلحة، بينما اعتبر الجيش تحركات قوات الدعم السريع، تمردا ضد الدولة.
في حديثه لـ”لقاء سبوتنيك”، قال إبراهيم مخيّر، عضو المكتب الاستشاري للعلاقات الخارجية لقائد قوات الدعم السريع، إن السودان مقبل على تغيير حقيقي والدافع الحقيقي وراء هذا التغيير هو إدراك السودانيين للسياق التاريخي الذي أوصلهم وأوصل بلادهم للاحتقان السياسي والانهيار الاقتصادي الذي يعيشون، أي إدراكهم لجذور الأزمة التي حلت ببلادهم.
“هنالك ثورة حقيقية وقد أحدثت هذه الثورة نقلة أساسية في فهم أسس الصراع المستمر منذ استقلال السودان عام 1956، صراع بين المركز والهامش وبين العاصمة والأقاليم.. العاصمة بمن فيها من نخب مركزية ظلت تسيطر على تشكيل القرار السياسي والاقتصادي، وتحتكر المشهد الثقافي العام لبلد كبير واسع به موارد ضخمة وثقافات مختلفة بينما تقبع المجتمعات الأخرى مهمشة في المجهول..”
وأضاف أن السودانيين اليوم على إدراك تام بأن المشكلة ليست فيهم، وإنما في الأسس التي قامت عليها تلك الدولة التي مكنت لهذا الوضع الشاذ، ومن ثم يجب أن تسقط وأن يحل محلها دولة قادرة على تحقيق اللامركزية وتضمن بالتالي كل السلطة والثروة للشعب.
وأوضح أن الدعم السريع وقادته يقولون: يجب أن نهزم المركزية وذلك عبر إنجاز النظام الفيدرالي، ويجب أن نحدث تغييرا سياسيا عن طريق نزع امتيازات النخب السياسية التاريخية التي تملكها بدون وجه حق، لذلك سنضع كامل السلطة السياسية والاقتصادية في يد الناس… والنخب التي سيطرت على الدولة المركزية تقاوم بشراسة انتزاع امتيازاتها التاريخية، وترفض التخلي عن التحكم بالقرار السياسي والمناصب المفصلية للدولة التي كانت تستغلها في توجيه ثروات البلاد ومواردها لمصلحة فئة قليلة..
وأضاف “والدعم السريع بالتالي يلعب دور رأس الرمح في إصابة تلك الدولة بمقتل، وإزالة تلك النخب المركزية، ولذا اصطدم معه الجيش وهذا هو أس المشكلة…
وتابع: “أما المتطرفون من الإسلاميين الذين قادوا الدولة عبر حكم الديكتاتور عمر البشير لمدة ثلاثين عاما وتكسبوا مليارات الدولارات وبنوا جيشا قويا ليحميهم، فلم يستطيعوا أن يحموا البلاد من الانقسام لدولتين، وعانى السودان من حروب أهلية في مناطق مختلفة أشهرها حرب دارفور التي استمرت عشرين عاما ومازالت، وهؤلاء الإسلاميون يعتبرون أنفسهم اليوم أكبر الخاسرين في معركة النخب المركزية هذه، ولذلك جندوا لها كل مواردهم وأتباعهم وبينهم تجار الحروب، وهم في الأصل من حاولوا الانقلاب على التحول الديمقراطي للسودان”.
المصدر: سبوتنيك