لا يختلف الناس – كل الناس – انه من المهم جدا ان تتوحد الجهود ويتكاتف الجميع كل من موقعه وبحسب ما يقتضيه الظرف ، وتجاوز اى اسباب قد تدعو للفرقة والشتات ، حتى يتمكن الناس معا من إخراج البلد من وهدتها ، وتخليصها من الوضع الاستثنائي الحرج الذى تمر به.
ومن نافلة القول أن نؤكد على أن التوافق السياسى والقبول بنقاش القضايا الخلافية بعيدا عن منطق التخوين والاقصاء هو السبيل الوحيد المناسب – ان لم يكن الاوحد – لتجاوز الوضع الحرج الذى تمر به بلادنا ، وجميعنا يعلم خطورة التشظى وتفكك الحركات والتنظيمات والأحزاب ، وان هذا التشظى هو أحد اهم اسباب تأخر تحقيق التوافق.
دعونا ننظر إلى ما يجرى فى الساحة الان فمبادرة الشيخ الطيب الجد التى لاقت قبولا عند قطاع واسع من المجتمع، هذه المبادرة يمكن أن يتقدم منتقدوها بملاحظاتهم عليها إلى لجنتها ، ويتم النقاش الهادئ عليها ليتم تدارك اى اشكالات تثار بشانها ما دام الهدف هو الوصول إلى وفاق يجنب البلد التمزق والانحدار نحو المجهول.
أيضا اذا نظرنا إلى احزابنا السياسية كبيرها وصغيرها نجدها تفرقت ايدى سبأ ، وأصبح من العسير على اى جهة ان تتعامل معها ككيانات موحدة ، وهذا بلا شك يجعل من الصعب التوصل إلى اتفاق او توافق ، فتعدد الرايات يجعل من عملية التفاوض أمرا صعبا لذا نرى عشرات العناوين لاحزاب لاتملك فى الواقع وجودا حقيقيا مؤثرا على الأرض يمكن أن يحدث تغييرا على الساحة.
وما قلناه عن احزابنا ينطبق على الحركات المسلحة فهى ان لم تكن كالاحزاب فى التشظي فهى أسوأ حالا منها بلا شك ، وجميعنا يعرف تشرذمها وتشظيها وانقسامها الى درجة تثير الشفقة وتبعث على مخاوف كبيرة مما يمكن أن يفضى اليه هذا التشظى الذى يلقي ظلالا قاتمة حول إمكانية نجاح جهود الاستقرار في المناطق التي عانت نزاعات أهلية استمرت أكثر من ثلاث عقود.
وتشير التقديرات إلى وجود أكثر من 87 حركة مسلحة في السودان 84 منها في منطقة دارفور وحدها.
ويرى مراقبون أن تكاثر الحركات المسلحة هو نتاج لسياسات قديمة اتبعها نظام الإنقاذ الذي أطاحت به ثورة شعبية في أبريل 2019 وذلك عبر اختراق الحركات الرئيسية وتأجيج الصراعات والنزعات الانفصالية داخلها حتى يسهل احتوائها.
ونعود لنقول ان اهم ما يجب الالتفات له والعمل عليه هو تجاوز التشرذم ووضع حد لهذا التشظي المستمر لعل ذلك يسهم فى تيسير الوصول إلى حلول تفضى إلى حل مشاكلنا وما اكثرها.
سليمان منصور