أخبار السودان:
معاناة كبيرة تكابدها أسر الطلاب وبالأخص التلاميذ الصغار في مرحلتي الاساس ورياض الأطفال، فيما يخص افطارهم الصباحي خلال الدوام الدراسي، فبالاضافة لغلاء الأسعار الذي جعل حتى الحصول على ساندوتش طعمية أمراً عسيراً، تواجه الأسر كذلك مشقة كبيرة في الحصول على الرغيف لاعداد وجبة الافطار لأبنائهم التلاميذ، ما اضطر بعض الأسر لتزويد أبنائهم بما تيسر بالمنزل (عصيدة أو بليلة أو ملاح بايت)، وشكت كثير من الأسر من أن أبنائهم الصغار وبسبب عسر الحصول على الرغيف، يقضون يومهم الدراسي دون أن يتناولوا شيئا حتى موعد العودة الى المنزل بعد نهاية اليوم الدراسي، وغير هذه الفئة من التلاميذ هناك أيضاً الفئة التي لا تجد أصلا بسبب فقر ذويها ما تفطر به حتى لو كان الرغيف متوفر و(راقد هبطرش)، وهذه قضية قديمة ما تزال تراوح مكانها، فقضية هذه الفئة من أطفال المدارس تقطع نياط القلوب، اذ أنهم لا يجدون ما يفطرون به خلال فسحة الفطور ولا حتى قطعة قرقوش، فينزوون بعيدا عن أعين زملائهم حتى لا يفتضح جوعهم وينكشف فقرهم، يقاومون الجوع بالصمود أو يطفئون ناره ويسكتون لسعاته بكوب ماء، وكم هو مؤلم ان تظل هذه القضية عالية الانسانية بلا حل حتى الآن، فيما عدا بعض المحاولات الأهلية المحدودة، اذ ظلت الحكومات المتعاقبة خلال العهد البائد والى يوم حكومة الثورة هذا تطلق فقط الوعود دون تنفيذ، من لدن عبد الرحيم حمدي أول وزراء مالية العهد البائد وحتى ابراهيم البدوي مرورا بهبة محمد علي وربما يدخل القائمة أيضا جبريل ابراهيم وزير المالية الجديد، وهذه والله سبة وعار علينا جميعا مجتمعا وحكومة ان يجوع بيننا هؤلاء الايفاع الصغار دون ان تحرك فينا قضيتهم ساكنا، ونكتفي فقط بإطلاق الآهات والحسرات..
احدى المنظمات الطوعية الأهلية التي نشطت مشكورة في حدود قدراتها لتوفير وجبة لهؤلاء الأطفال، قدرت أعدادهم في وقت سابق بنحو700 ألف تلميذ معظمهم بمدارس المناطق الطرفية بولاية الخرطوم فقط دعك من الولايات الأخرى، ولاشك أن هذه الأعداد ظلت في زيادة مضطردة باضطراد الغلاء وارتفاع الأسعار، الأمر الذي تسبب في تسرب الكثير من التلاميذ من المدارس وانطلقوا في الشوارع ليمارسوا ما يعرف ب(تجارة الاستوبات) ببيع مناديل الورق وغيرها من (تفاتيف)، والخطورة في عدم تناول هؤلاء التلاميذ لوجبة الافطار، لا يتمثل فقط في الجوع، وانما ايضا في الآثار الصحية السالبة التي تنتج عنها، فوفقا لدراسة علمية أجراها باحثون بجامعة ليدز البريطانية، أن الأطفال الذين لا يتناولون وجبة الإفطار لديهم مستويات أعلى من الكوليسترول وحمض اليوريك ومقاومة أكبر للأنسولين، ما يؤثر على صحة القلب والأوعية الدموية وأمراض عضوية أخرى، هذا فضلاً عن تدني مستوى تحصيلهم بحصولهم على درجات أقل في الامتحانات مقارنة برصفائهم الآخرين، وذلك بسب عدم التركيز والقدرة على الاستيعاب بفعل الجوع..انها والله فضيحة وعار وجب علينا التحرك سريعاً لمحوه كمجتمع، وعلى الحكومة أن تتحمل مسؤوليتها كاملة اليوم قبل الغد.. ولا حول ولا قوة الا بالله..
الجريدة