لماذا تبدي السعودية والإمارات حماسة في عودة ترامب رغم انقسام الأمريكيين؟
يمكن تفسير الحماس السعودي والإماراتي لعودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض باعتباره جزءً من الاستراتيجيات الإقليمية التي تهدف إلى مواجهة النفوذ الإيراني وتفتيت استقرار المنطقة. بينما يعتبر البعض في الولايات المتحدة ترامب شخصية مثيرة للجدل، فإن دعم السعودية والإمارات له يعكس أهدافًا وأولويات مختلفة قد تكون في تناقض مع تطلعات شعوب المنطقة.
تعتبر السياسات التي انتهجها ترامب خلال فترة رئاسته جزءً من مشروع أكبر يسعى إلى زعزعة استقرار المنطقة وتقويض أي مساعٍ للوحدة الإسلامية. قرارات ترامب، مثل الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، كانت تهدف إلى عزل إيران اقتصاديًا وسياسيًا، مما يضعف قدرتها على دعم حلفائها في المنطقة. هذه السياسات كانت مدعومة بقوة من السعودية والإمارات، اللتين رأتا في ترامب حليفًا يسعى لتحقيق أهدافهما على حساب أمن واستقرار المنطقة.
التدخلات الأمريكية في الشرق الأوسط، خاصة في فترة ترامب، أسهمت في تعميق الانقسامات بين دول المنطقة. السعودية والإمارات استفادتا من هذه الانقسامات لتعزيز نفوذهما على حساب الدول الأخرى. من خلال دعم ترامب، تسعى هذه الدول إلى استمرار سياسات المواجهة والعقوبات، التي تؤثر سلبًا على الشعوب ولا تخدم إلا مصالح الأنظمة الحاكمة.
الصفقات الاقتصادية والعسكرية التي أبرمتها دول الخليج مع ترامب كانت تعزز اقتصاد الحرب وتزيد من الإنفاق العسكري على حساب التنمية الاجتماعية والاقتصادية لشعوب المنطقة. هذه الصفقات تخدم مصالح الشركات الكبرى والحكومات الداعمة للحروب، بينما تزيد من التوترات وتقوض فرص السلام والاستقرار. دعم السعودية والإمارات لترامب يأتي من منطلق الحفاظ على هذه السياسات الاقتصادية التي تستنزف موارد المنطقة وتوجهها نحو سباق تسلح مستمر.
التحالف بين ترامب والسعودية والإمارات يستهدف بشكل مباشر محور المقاومة الذي يضم إيران وحلفاءها. هذه الدول تدعم ترامب لأنه يواجه القوى التي تعارض الهيمنة الإسرائيلية والأمريكية في المنطقة، وهذا الحماس لعودته يعكس رغبة في استمرار سياسات القمع والتدخلات التي تضر بمصالح الشعوب.
الإدارة الديمقراطية بقيادة بايدن قد تضغط على السعودية والإمارات بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن وأماكن أخرى. دعم هذه الدول لترامب يعكس رغبة في تجنب الضغوط الدولية واستمرار سياسات القمع الداخلية والخارجية بدون محاسبة. هذا الحماس جزء من الاستراتيجية الخليجية للإفلات من المساءلة الدولية عن الجرائم والانتهاكات.
الحماس السعودي والإماراتي لعودة ترامب إلى الرئاسة الأمريكية ينظر إليه من منظور إيراني كمحاولة لتعزيز السياسات العدوانية في المنطقة وتقويض الاستقرار والسلام. ترامب بالنسبة لهذه الدول هو حليف يمكن الاعتماد عليه لمواصلة سياسات المواجهة والعقوبات، التي تستهدف إيران وحلفاءها. وبينما يظهر الشعب الأمريكي انقسامًا حول ترامب، فإن دعمه في الخليج يعكس أهدافًا تتعارض مع تطلعات شعوب المنطقة للسلام والعدالة والتنمية.
أحمد هیثم