قال خبراء سودانيون، إن المبادرة الأفريقية لجمع قائد الجيش عبدالفتاح البرهان وقائد قوات “الدعم السريع”، محمد حمدان دقلو المعروف بـ”حميدتي”، عمقت الانقسام داخل قيادة الجيش السوداني.
ورصد الخبراء غموضا لدى الجيش وتخوف البرهان من التضحية به من جانب حلفائه “الإسلاميين”، في حال التماشي مع التفاوض، واحتمال تقديمه للمجتمع الدولي لمحاكمته عن “جرائم الحرب”.
ووافق الأسبوع الماضي، مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، على تشكيل لجنة وساطة برئاسة الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني للتوسط وتنظيم لقاء بين البرهان وحميدتي.
مواصلة الحرب
ويرجع رئيس تجمع كردفان للتنمية، الطيب الزين، الغموض الذي يكتنف موقف الجيش السوداني من لقاء “البرهان” مع “حميدتي”، إلى جملة من الأسباب، في صدارتها، ما وصفه بـ”مخاوف” لدى “البرهان” بأن موافقته بالجلوس مع “حميدتي” على طاولة واحدة، ستشكل خطرا على حياته من جانب حلفائه “الإسلاميين”، وذلك بالتخلص منه.
هناك أطراف يقودها “الإسلاميون” داخل المؤسسة العسكرية، تريد مواصلة الحرب، لأن أي فرصة للسلام، تعني إنهاء حكم “الإخوان” في السودان
الطيب الزين
وأكد في تصريحات لـ”إرم نيوز”، وجود انقسام داخل الجيش حول التعامل مع”المبادرة الأفريقية” واللقاء المنتظر، فهناك أطراف يقودها “الإسلاميون” داخل المؤسسة العسكرية، تريد مواصلة الحرب، لأن أي فرصة للسلام، تعني إنهاء حكم “الإخوان” في السودان، في حين أن هناك أطرافا أخرى داخل الجيش، على عكس ذلك التوجه.
وأشار الزين إلى أن “البرهان وحلفاءه الإسلاميين داخل الجيش، يحاولون تفادي أي لقاء يقود إلى السلام، قد يترتب عليه موقف يؤدي إلى مساءلة وبالتالي جرهم إلى المحاكم وفقدانهم لكل ما اكتسبوه في العقود الماضية، لذلك يعملون بكل قوتهم سواء داخل المؤسسة العسكرية والإعلام والمنابر التابعة لهم، على عرقلة أي مسعى لوقف الحرب”.
صراع بقاء
وترى السياسية السودانية، رشا عوض، أن الانقسام داخل الجيش السوداني بخصوص المضي قدما في طريق المفاوضات أو الاستمرار في الحرب، هو أمر واقع تشهد عليه تطورات الأحداث.
ولفتت في تصريحات لـ”إرم نيوز”، إلى أن سبب ذلك الانقسام، وجود العناصر الإسلامية في مفاصل الجيش ووحداته، وهي العناصر التي تقوم بالتعبئة الدائمة لاستمرار القتال، حتى تضمن استمرارية وجودها في السودان.
وتحدثت عوض عن وجود تيار داخل الجيش السوداني، على ما يبدو أكثر مرونة وتفكير عملي بشأن الحرب، نظرا لأن تطورات الميدان كلها تشهد على أن استمرار المعارك سيكون أمرا مدمرا للجيش والسودان ككل، وفي هذا الإطار، فإن إتمام لقاء بين “البرهان” و”حميدتي” يبدو مستعصيا، ويحتاج للمزيد من الوقت بجانب ممارسة ضغوطات إقليمية ودولية فضلا عن التطورات الميدانية العسكرية.
وبينت أن “كثيرا ما أعلن عن لقاءات بين قيادتي الجيش والدعم السريع، ولكن في كل مرة لا يتم هذا اللقاء، لأن الظروف المؤهلة لذلك، لم تنضج بعد”.
عقد مشترك
فيما يرى المحلل السياسي السوداني، سالم عيسى، أن “البرهان” يبحث عن من يفسد مبادرة “الاتحاد الأفريقي” بعيدا عنه، حتى لا يكون متورطا في التمسك بالحرب أمام المجتمع الدولي والأفريقي في ظل ما تم التلويح به من فرض عقوبات على من يعطل السير في التفاوض.
وأكد في تصريحات لـ”إرم نيوز”، على وجود انقسام داخل الجيش، حيث هناك قطاع يرفض انسياق “البرهان” وراء الإسلاميين، وإعطاء مجال للتفاوض ووقف إطلاق النار.
ومضى عيسى قائلًا: لكن قائد الجيش يبتعد جملة وتفصيلا عن أي طرح من جانب البعض داخل المؤسسة العسكرية، يخص السير في المفاوضات، لأنه متمسك بـ”عقد” مشترك بينه وبين الإسلاميين، في استمرار الحرب”.
وبين أن “خروجه (قائد الجيش) عن ذلك، سيقابل بأمور عدة من بينها الإطاحة به وإيجاد بديل عسكري له، وليس ذلك فقط، بل تحميله مسؤولية فظائع ارتكبت في الحرب، وفتح الطريق للتضحية به وتسهيل محاكمته دوليا بجرائم حرب”.
وأكد عيسى “أن المبادرة الأفريقية عمقت الانقسام داخل قيادة الجيش السوداني، وبجانب فريق الإسلاميين الرافض للسلام، هناك فريق آخر، داخل القوات المسلحة، يرى في لجنة الوساطة الأفريقية، فرصة من الممكن أن يبنى عليها خروج آمن لهم أو أن يكونوا جزءا من مشهد جديد، في ظل الخسائر العسكرية التي لحقت بالجيش أمام الدعم السريع، طوال الأشهر الماضية”.
المصدر: إرم نيوز