ايران.. بناء دستوري وسياسي محكم.. 3
تحدثنا قبل أيام عن البناء الدستوري والسياسي في ايران ونواصل اليوم ما انقطع ملقين إضاءة أولية على مؤسسات الحكم وكيف ان كثير جدا من المهتمين بالشأن السياسي والقانوني يجهلونها ويتحدثون فيها من غير معرفة.
ونخصص الحديث اليوم عن جزء من هذه المؤسسات.
بعد وضع السلطات الثلاث المعروفة (تشريع، تنفيذ، قضاء) وفصلها تماماً عن بعضها، وتبيين حدود وصلاحيات كل منها بدقة تم انشاء الأجسام الرقابية الثلاثة (مجلس صيانة الدستور، مجلس خبراء القيادة، ومجلس تشخيص مصلحة النظام) وللتعريف بها بإختصار نقول
مجلس صيانة الدستور
يتكون من 12 عضواً ستة منهم فقهاء دستوريون على إلمام جيد بالشريعة وستة فقهاء شرعيون على إلمام جيد بالقوانين الدستورية…
يتولى البرلمان تعيين الفقهاء الدستوريين الستة سواءً كانوا نواباً فيه أو من عامة الكفاءات القانونية بالبلد ويبدي عليهم مجلس تشخيص مصلحة النظام ملاحظاته حال كانت هناك ملاحظات ويتم ارسالها للبرلمان ليناقشها في جلسة مغلقة، فان قَبِلها رشح شخصاً آخر وإن رفضها واصل تعيين الفقيه الدستوري الذي طُعِنَ فيه…
ويقوم مجلس تشخيص مصلحة النظام بترشيح 12 فقيهاً شرعياً.
ويتولى مكتب الولي الفقيه انتخاب 6 منهم كفقهاء شرعيين ليتمموا نصاب مجلس صيانة الدستور ويأتي هنا دور مجلس خبراء القيادة ليدقق في الستة الذين اختارهم مكتب الولي الفقيه، ورأي مجلس خبراء القيادة نافذ وغير قابل للمراجعة، فإن رد أحدهم أو كلهم يتوجب على مكتب الولي الفقيه اختيار آخرين غيرهم حصراً ممن اقترحهم مجلس تشخيص مصلحة النظام..
يقوم هذا المجلس (صيانة الدستور) والذي يتشكل كل 6 سنوات بمراجعة كل ما يخرج من البرلمان من قوانين وتشريعات، والتدقيق فيها من حيثيتين فقط هما: موافقة التشريع البرلماني للدستور او عدم تعارضه معه، وموافقة التشريع للشريعة الإسلامية أو عدم تعارضه معها،وفي حال وجود خلل دستوري او شرعي في التشريع ، يُعاد إلى البرلمان مع بيان وجه المخالفة ليقوم البرلمان بتصحيحه، ويقره مجلس صيانة الدستور ليكون نافذاً..
كما يقوم هذا المجلس بالاشراف على الانتخابات العامة في البلاد (انتخابات رئاسة الجمهوربة، انتخابات البرلمان، انتخابات مجلس خبراء القيادة) من حيث فحص صلاحية المترشحين وسلامة الاجراءات الانتخابية وكذلك أي استفتاء شعبي حول الدستور
هذا مجلس صيانة الدستور وهو هيئة رقابية على قرارات البرلمان وهو ليس جهة تشريعية، وله سلطة اشرافية على جميع الانتخابات العامة بالبلد.. وهو ليس من ادوات مؤسسة الولي الفقيه كما يتصور البعض ويصوره الخصوم، ولا يقبل ويرد على أساس جناحي او تياري، كما يدعون وإلا كيف تتحول السلطة بين التيارين الاصلاحي والاصولي باستمرار في ايران؟
في هذه الانتخابات تم رد صلاحية الأصولي وعضو مجلس تشخيص مصلحة النظام احمدي نجاد، والأصولي المقرب من السيد الخامنئي الدكتور الشيخ محمد مخبر نائب الرئيس رئيسي، والوسطي علي لاريجاني والاصلاحي همتي المنافس لرئيسي في الانتخابات الرئاسية السابقة والاصلاحي اسحاق جهانغيري نائب روحاني.، وتم قبول الوسطي الاصلاحي زاكاني والاصولي جليلي والأصولي قاليباف والاصلاحي البارز بزشكيان الذي ترجح الكثير من الأوساط فوزه، فكيف يقول المنصف ان هذا المجلس أداة لتصفية الخصوم السياسيين أو ابعاد غير المرغوب فيهم على أساس الولاء والقرب والبعد من القائد، فإن كان كذلك فكيف يتم تفسير رد صلاحية مخبر وتأييد صلاحية بزشكيان؟
يشار إلى أن هذا المجلس رد صلاحية أشخاص كرفسنجاني وكان حينها رئيساً لمجلس تشخيص مصلحة النظام
سليمان منصور