مدينة «تحترق»، وأزيز رصاص لا ينقطع، واشتباكات عنيفة متعددة الجبهات، لا تترك مجالا للأحياء ليفروا ولا تسمح لهم بالحياة في ظل انقطاع وسائل العيش والمساعدة عنهم.. هكذا باتت الأوضاع في الفاشر.
وأفادت مصادر عسكرية لـ”العين الإخبارية”، الأحد، أن الاشتباكات العنيفة بين الجيش السوداني، وقوات “الدعم السريع”، تجدد بالأسلحة الثقيلة والخفيفة في عدة جبهات.
البارود يزكم الأنوف.. الفاشر تئن تحت براميل الجيش المتفجرة ومدفعية «الدعم»
معارك الفاشر.. حرب شوارع و«الدعم السريع» تحاول التوغل من عدة محاور
وأكدت مصادر طبية لـ”العين الإخبارية”، أن قوات “الدعم السريع” اقتحمت المستشفى الجنوبي بالمدينة، ما أدى إلى إصابة مدير المستشفى والمدير الطبي خلال عملية الاقتحام.
هجوم متعدد الجبهات
وطبقا للمصادر العسكرية، فإن “معارك عنيفة اندلعت في 3 جبهات قتالية في محيط المدينة، أدت إلى نزوح الآلاف من السكان هربا من القصف المدفعي”.
وقال حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، في مؤتمر صحفي عقده بمدينة بورتسودان شرقي السودان، مساء السبت، إن قوات “الدعم السريع” هاجمت الفاشر في أكثر من اتجاه وتسللت إلى المستشفى الذي يحتضن مجموعة كبيرة من المصابين بسبب القصف المتعمد.
وأضاف مناوي أن “قوات الجيش والحركات المسلحة استطاعت صد الهجوم.. والمدينة تحترق”.
وفي 21 مايو/ أيار الماضي، قالت وزارة الصحة في ولاية شمال دارفور، إن عدد القتلى في الفاشر، بلغ 345 قتيلا بالإضافة إلى 2626 مصابا منذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات “الدعم السريع” في أبريل/نيسان 2023.
وخلال الفترة الحالية، تشهد الفاشر معارك دامية بين الجيش السوداني وحلفائه من الحركات المسلحة ضد قوات “الدعم السريع”، وسط مخاوف من كارثة إنسانية في المدينة التي يحتمي بها مئات الآلاف من المدنيين.
وتقع مدينة الفاشر في غرب السودان على ارتفاع 700 متر (2296 قدما) فوق سطح البحر على مسافة 802 كيلومتر غرب العاصمة الخرطوم، و195 كيلومترا عن مدينة نيالا باتجاه الشمال الشرقي.
أزمة إنسانية كارثية
وخلفت الحرب الدائرة في السودان منذ منتصف أبريل/نيسان 2023 أكبر أزمة إنسانية على المستوى الدولي، إذ اضطر الناس إلى تناول أعلاف الحيوانات وأوراق الأشجار في دارفور، لعدم توفر الغذاء في مخيمات النزوح البالغة عددها 51 في ولايات دارفور الخمس.
وأُنشئت مخيمات اللجوء في دارفور عندما نزح السكان من القرى إلى المدن الكبيرة بحثا عن الأمان بعد اندلاع الحرب في الإقليم 2003 بين القوات الحكومية وفصائل مسلحة متمردة.
ويشهد إقليم دارفور منذ 2003 نزاعا مسلحا بين القوات الحكومية وحركات مسلحة متمردة، أودى بحياة نحو 300 ألف شخص، وشرد نحو 2.5 مليون آخرين، وفق الأمم المتحدة.
عوائق تقديم الإغاثة
ومع تسارع وتيرة العنف والاقتتال، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في السودان “أوتشا”، إن عوائق تقديم الإغاثة حرمت 1.1 مليون فرد من المساعدة في الخرطوم ودارفور وكردفان والجزيرة خلال شهر مايو/أيار الماضي.
ويعاني 18 مليون سوداني من الجوع الشديد، بينهم قرابة 5 ملايين شخص على حافة المجاعة، وفق تقييم صدر بداية هذا العام من الأمم المتحدة، حيث يُرجح أن يكون العدد الفعلي أكبر من ذلك جراء استمرار النزاع وتعطل سبل كسب العيش.
وأوضح مكتب “أوتشا” في بيان أنه “في مايو/أيار، حُرم قرابة 302 ألف شخص في كردفان، و608 آلاف فرد في دارفور، و100 ألف شخص في الجزيرة، و98 ألف شخص في الخرطوم من المساعدة”.
وأرجع المكتب الحرمان إلى رفض تصاريح سفر العاملين في المجال الإنساني وتقييد تحركات العبور عبر معبر الطينة الذي يربط مناطق شمال تشاد بولاية شمال دارفور، إضافة إلى انعدام الأمن وعوائق أطراف النزاع.
وتحدث المكتب عن حرمان ما يقارب 1.7 مليون شخص من المساعدات في دارفور والخرطوم وكردفان اعتبارا من أبريل/نيسان الماضي.
وتشتكي وكالات الأمم المتحدة من قيود أطراف النزاع على توصيل وتوزيع الإغاثة وضعف التمويل، بينما تتزايد الاحتياجات الإنسانية وسط مخاوف من وقوع مجاعة في مناطق شاسعة.
وأفاد البيان بوقوع 10 حوادث أثرت على العمليات الإنسانية في الفترة بين مارس/آذار ومايو/أيار 2024، شملت ثلاث هجمات عنيفة على العاملين في المجال الإنساني و6 حالات تدخل في تنفيذ الأنشطة الإنسانية وعائق بيروقراطي واحد.
وخلال اليومين الماضيين، حذرت منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة من مخاطر تزايد أعداد النازحين في السودان إلى 10 ملايين، حيث تتعقد أسوأ أزمة نزوح داخلي في العالم مع تفاقم المجاعة والأمراض التي تلوح في الأفق إثر الصراع المدمر.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني و”الدعم السريع” حربا خلّفت نحو 15 ألف قتيل وأكثر من 8 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.
المصدر: العين الاخبارية