أخبار السودان:
الحديث عن الهجرة من الولايات الى الخرطوم وآثارها عليها موضوع قديم في السودان قتل بحثا من قبل الخبراء والمختصين ولم يتركوا شاردة ولا واردة إلا وذكروها وقدموا التوصيات والحلول الناجعة التى إن عمل بها النظام المخلوع لأخرج السودان إلى بر الأمان، ولكنه لم يكن يريد حلا مادام كوادره وأهل الولاء له لا يشعرون بالضيق الذي يشعر به سكان الخرطوم عامة، ولذلك لم ير حلا للمشكلة ومن شكا يأتيه رده بأن يعود من حيث أتى، فجاء الشعب بالحل الأمثل وهو ثورة ديسمبر التي أسقطته .
الآن لم تعد المشكلة في كيف تحل مشكلة الهجرة المستمرة إلى الخرطوم من كل اتجاهات السودان، بل في مدى رغبة الحكومة الانتقالية وتبنيها للحلول الصادقة والصحيحة وأولها إنهاء حالة انفصال الشعب عن الدولة وفقدان الثقة فيها والذي جعل المواطنين يفكرون في معيشتهم بطريقتهم يستنزفون بعضهم البعض وهم متكدسون في عاصمة دولتهم التي ناءت من حمل الأثقال وأصبحت غير صالحة للحياة .
أول أمس دعا رئيس الوزراء عبد الله حمدوك خلال مخاطبته المؤتمر الزراعي القومي الشامل إلى أهمية الهجرة العكسية للريف والزراعة بروح التغيير والأمل لمُحاربة الفقر وأعلن عن دعمه الكامل للقطاع الزراعي والنُّهوض به في المرحلة المُقبلة باستخدام التقنيات الحديثة والاهتمام بالصناعات التّحويليّة، وأن الجميع مطالب بزراعة بذور التغيير والأمل من أجل سودانٍ خالٍ من الجوع ومُتحضِّر يسع الجميع.
دعوة حمدوك هي دعوة قديمة ولكن الجديد فيها هو الأسلوب المحترم الذي لطالما افتقده الشعب السوداني فقد كان النظام المخلوع يدعوه الى العودة الى الأقاليم ولكن بطريقة فيها الكثير من العنف وعدم الاحترام والاضطهاد، وبغض النظر عن أي شيء فدعوة حمدوك تعبر عن روح المرحلة والتغيير في علاقة المواطن بالدولة .
المهم الآن يجب أن يبدأ السيد رئيس الوزراء فورا في تنفيذ وعده على أرض الواقع حتى تطمئن قلوب المواطنين بأن الأمر ليس مجرد كلام، على الأقل يبدأ بإصدار قرارات تسهل على المواطنين الدخول في وضع خططه فليس هناك مواطن ليس لديه مشروع اقتصادي كان يحلم بتنفيذه في أحد القطاعات في ولايته ولكن حطمته سياسات النظام المخلوع التي لم تترك للشعب حتى المشاريع التي ورثها من العهود السابقة أو المشاريع الفردية التي أسسها ملاكها بجهدهم الذاتي أو رثوها أبا عن جد، ولا أعتقد أننا نحتاج إلى الشرح والتوضيح فالسيد رئيس الوزراء شاهد (شاف كل حاجة).
وعلى المواطنين وضع رئيس الوزراء أمام الأمر الواقع عمليا.
العودة إلى الريف ليست صعبة وهي أمنية الكثير من سكان العاصمة أنفسهم وكثيرون ليس لديهم مانع إن توفرت في الريف أبسط مقومات الحياة، ففي الماضي كان سكان الخرطوم يفضلون الأقاليم حتى في الزمن الذي كانت فيه الخرطوم من أجمل عواصم القارة الإفريقية، ولم يكن سكان الأقاليم يقبلون العيش في الخرطوم، وهذا دليل على أن الهجرة إلى الخرطوم لها أسباب إن انتهت توقفت.
جريدة الديمقراطي