تحدت ولاية الجزيرة (وسط السودان)، ظروف الحرب وحالة الفلتان الأمني والاضطرابات التي تشهدها البلاد بتدشين حصاد محصول القمح للموسم الشتوي بمحليتي المناقل والقرشي.
وتعتبر ولاية الجزيرة البالغة مساحتها نحو 25 ألفاً و500 كيلومتر مربع، سلة غذاء السودان، لكونها تضمّ أكبر مشروع في أفريقيا، وهو مشروع الجزيرة الزراعي.
ويأتي ذلك، وسط خسائر باهظة تكبّدها القطاع الزراعي بسبب الحرب المتواصلة منذ منتصف شهر إبريل/ نيسان من العام الماضي بين الجيش وقوات الدعم السريع، حيث يعاني المزارعون من صعوبات في الحصول على الإمداد الكافي من المياه للزراعة، بالإضافة إلى ضعف التمويل وعقبات التسويق في ظل تفاقم الصراع العسكري.
وفي الأسبوع الماضي، تم تدشين موسم حصاد القمح بحضور مسؤولين سودانيين وممثلين عن القوات المسلحة والأجهزة الأمنية والشرطية بالولاية وهيئة العمليات التي أشرفت على تأمين المحصول حتى مرحلة حصاده.
وكشف مدير قسم المنسي الزراعي فيصل خالد أن متوسط الإنتاجية لهذا العام بلغ بالقسم بين 15 – 17 جوالاً للفدان، فيما أكد محافظ مشروع الجزيرة إبراهيم مصطفى أن الإدارة قامت بتوفير المحروقات بالتنسيق والتعاون مع الجهات ذات الصلة بكميات تكفي الحصاد، كما تم توفير بعض المدخلات عبر البنك الزراعي، معلناً وضع خطة لإصلاح الري يشارك فيها المزارعون والمختصون من ذوي الخبرات التسويقية والتمويلية وذلك للنهوض بالمشروع.
وكشف مصطفى في تصريحات صحافية أخيرا، أن الدولة وعدت بتمويل زراعة 150 ألف فدان فول صويا، مشيراً إلى أن السعر المقدّر لجوال القمح سيحقق للمزارع فائدة تبلغ 20% بعد حسم الكلفة الزراعية.
وأقر وزير الزراعة السوداني أبو بكر البشرى أخيرا، بحدوث فجوة في محصول القمح قوامها 600 ألف طن، بسبب الحرب وتقلص المساحات المستهدف زراعتها، ما أدى لصعوبة تغطية الإنتاج المحلي الاستهلاك العالي له، خاصة مع استمرار الحرب واعتداءات مليشيا الدعم السريع على مشروع الجزيرة ونهب ممتلكاته، وهو المشروع الزراعي الأكبر بالبلاد والذي تبلغ مساحته 230 ألف فدان. وقال الوزير السوداني إن إنتاج القمح بلغ 377 ألف طن فقط في المناطق المروية.
شهد مشروع الجزيرة سرقات وتدميراً لمعظم بناه التحتية عقب سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة “ود مدني”
وشهد مشروع الجزيرة سرقات وتدميراً لمعظم بناه التحتية عقب سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة “ود مدني”، عاصمة ولاية الجزيرة، وسط السودان، ما سبّب صعوبة في متابعة العملية الزراعية وفقدان الموسم الشتوي.
وتصاعدت تحذيرات مختصين وعاملين في القطاع الزراعي من حصول فجوة غذائية حادة بسبب ضرب مقومات الزراعة بالمشروع الذي يعتمد عليه السودان في توفير جزء كبير من احتياجات البلاد من المنتجات الغذائية.
وقال مراقبون في الشأن الزراعي لـ”العربي الجديد”، إن تطاول أمد الحرب يؤدي لانهيار القطاع الزراعي وتراجع إنتاجيته بسبب شح التمويل، وعدم توفر المدخلات الزراعية عامة يؤدي لانعدام الأمن الغذائي وانتشار المجاعة، داعين للإسراع بإيقاف الحرب ووقف عمليات تجويع الشعب.
وأشار الباقر إلى أن القمح من المحاصيل الاستراتيجية التي يجب أن تعطى أولوية في التمويل من قبل الجهات الرسمية، كبنك السودان المركزي ووزارة المالية، تجنبا لحدوث فجوة فيه.
ومن جانبه، طالب المزارع في منطقة المناقل النعمة محمد، في حديثه لـ”العربي الجديد”، الحكومة بحل مشاكل المنتجين ووضع أسعار تركيز للقمح تشجيعية لهم ليتمكنوا من سداد مديونياتهم في التمويل وتجنب الإعسار المالي.
ودعا إلى زيادة المخزون الاستراتيجي عبر شراء كل المنتج من القمح لسد الفجوة الحالية بسبب طول أمد الحرب، والتي أدت لنهب وتدمير كبير في أصول وممتلكات المزارعين بمشروع الجزيرة والمناقل.
عضو تجمّع مزارعي الجزيرة والمناقل: الحرب أحدثت خسائر كبرى بمشروع الجزيرة، وأدت إلى انعدام المقومات الزراعية
وقال عضو تجمّع مزارعي الجزيرة والمناقل مصطفى الطريفي، في تصريحات سابقة لـ”العربي الجديد”، إن الحرب أحدثت خسائر كبرى بمشروع الجزيرة، وأدت إلى انعدام المقومات الزراعية للموسم الشتوي الذي بدأ التحضير له متأخراً بسبب تأخر تسلّم المزارعين للتقاوي (البذور).
وأضاف الطريفي: هنالك مزارعون تسلموا التقاوي ولم يتمكنوا من الزراعة، وكذلك الذين لم يجدوا آليات لإكمال العمليات الزراعية وفشلوا في تنفيذ عمليات نثر السماد للقمح، وأضاف: الآن مصير الزراعة في المشروع صار مجهولاً، وقد نُهبَت المخازن ودُمِّرَت المكاتب وسُرقَت الآليات الزراعية.
المصدر: العربي الجديد