أخبار السودان :
اثيوبيا والامارات تؤججان القرن الافريقي
يخطئ من يظن ان منطقة القرن الافريقي ستهدأ طالما تتحرك اثيوبيا يمينا وشمالا لاقتطاع جزء من ارض اي من جيرانها يتيح لها منفذا على البحر ، خاصة مع تصريح السيد رئيس وزراء اثيوبيا الدكتور آبي احمد بان الحصول على منفذ بحري اصبح مسألة حياة او موت وانه لاسبيل مطلقا لتأخير الخطوات اللازمة لانجاز هذا الامر.
ولا شك ان هذا التصريح الخطير يدعو كل دولة تجاور اثيوبيا الى الاستعداد التام لمواجهة اطماع اثيوبية اصبحت متوقعة في اي لحظة ، وهذا يعني بالضرورة خوض حرب لان حصول إثيوبيا على منفذ بحري لايعني غير استعدادها لشن حرب على الجهة التي تري ان الظرف مناسب لاقتطاع جزء منها واحتلاله من قبل إثيوبيا فلا توجد دولة يمكن ان تسلم جزء منها طوعا.
اثيوبيا في حراكها هذا تتلقي دعما من الامارات وإسرائيل وتقف معها ايضا فرنسا لحسابات متعلقة بالصراع مع روسيا ، وهذا ما يثير قلق جيران اثيوبيا فتدويل الصراع في منطقتهم سيخلط الاوراق ويعقد الملفات ويؤزم الاوضاع ويطيل امد اي حرب محتملة وهذا سيفاقم معاناة الناس ويزيد من البلاء عليهم.
الصومال مثلا – وهو الذي يشعر باستهداف اثيوبيا له عبر الاتفاق مع جمهورية ارض الصومال غير المعترف بها دوليا على منح اديس ابابا ميناء بربرة – يواجه تحدي المحافظة على أراضيه الحالية من أي أطماع جديدة، خاصة وان اثيوبيا تحتل اقليم اوغادين منذ سنوات طويلة ، والان نري مطامع إثيوبيا في ميناء بربرة تتجه للتحول الى احتلال ، وأرتريا – التي دخلت من قبل في حرب مع إثيوبيا بسبب الصراع على أراض أرترية – تشعر بالقلق من تصريح رئيس الوزراء الإثيوبي الذي عبّر فيه عن مطامع بلاده في منفذ بحري ، ويدفعها هذا إلى الاستعداد للحرب ، والسودان الذي استرد جزءاً من أراضيه في منطقة الفشقة من إثيوبيا ما يزال جيشه رغم الحرب الدائرة في الخرطوم ودارفور يوجه فوهات بنادقه نحو إثيوبيا، وجيبوتي التي لطالما عدّت إثيوبيا المهدّد الاستراتيجي للأوضاع فيها تعبّر عن تعاظم مخاوفها من الأطماع والسياسات الإثيوبية ، ومصر التي تربطها علاقات قوية بأرتيريا والصومال وجيبوتي والسودان، ترى في إثيوبيا خطراً استراتيجياً عليها ، خاصة بعد أزمة مشروع سد النهضة ورفض إثيوبيا إبرام اتفاق قانوني ملزم ينظم عمليات ملء وتشغيل السد ليحفظ لدولتي المصب حقوقهما، وليزيل مخاوفهما.
ويري مراقبون ان التحرك الثنائي بين اثيوبيا وجمهورية ارض الصومال الباحثة عن الاعتراف بها ، خطوة أدخلت منطقة القرن الأفريقي في شقاق وتنازع جديد ينذر بمخاطر كبيرة تحدق بهذه المنطقة ذات الحساسية الاستراتيجية في ميزان الصراع الدولي بتداخلاته وانعكاساته الإقليمية.
جدير بالذكر، أن الإمارات ترتبط بعلاقات وثيقة مع إثيوبيا، وأن شركة موانئ دبي سبق أن وقّعت اتفاقاً مع أرض الصومال “صومالي لاند” عام 2016 بقيمة 442 مليون دولار لتشغيل مركز تجاري ولوجستي إقليمي في ميناء بربرة، ووقعت معها اتفاقية أخرى عام 2018 لتطوير مشروع منطقة اقتصادية حرة بحصة بلغت 51 % من المشروع لصالح الشركة، و30% لصالح أرض الصومال، و19% لصالح إثيوبيا.
وليس بعيداً من ذلك، تجيء الجهود الفرنسية الداعمة لإثيوبيا والمحرضة لها لاستعادة الدور العسكري للإمبراطورية الإثيوبية في البحر الأحمر ، والذي فتح له التوقيع على مذكرة التفاهم أفقاً جديداً يعزز الشراكة الثلاثية الإثيوبية الإماراتية في أرض الصومال، وتدفع بها في أتون الصراع الدولي على البحر الأحمر بمياهه وسواحله وموانئه ، وعلى منطقة القرن الأفريقي بموقعها الجيواستراتيجي.
سليمان منصور