استقبل رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد الخميس قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، الذي بدأ الأربعاء جولة في شرق أفريقيا ستشمل لاحقا العاصمة الكينية نيروبي.
وتعد جولة دقلو الخارجية الأولى المعلنة له، منذ تفجر الصراع بين قوات الدعم السريع والجيش في الخامس عشر من أبريل الماضي، ويعتقد مراقبون أن الهدف منها إيصال رسائل مباشرة إلى الدول المنخرطة في الهيئة الحكومية “إيغاد” أن يده ممدودة للسلام وإنهاء الصراع.
وتأتي الجولة بعد تأجيل لقاء كان من المفترض أن يجرى في جيبوتي مع قائد الجيش الجنرال عبدالفتاح البرهان، لأسباب قيل إنها فنية، لكن مراقبين يعتقدون أن التأجيل مرتبط باستمرار التباعد بين الجنرالين، وفي علاقة بما يجري على الأرض لجهة دفع قيادة الجيش ومن خلفها فلول النظام السابق نحو تفجير حرب قبلية، عبر دعوات التجييش وتسليح المدنيين.
وقال رئيس الوزراء الإثيوبي في تغريدة له على موقع إكس أنه التقى بالجنرال دقلو ووفده المرافق .وأوضح آبي أحمد في تغريدته المصحوبة بصور له مع قائد قوات الدعم السريع على طاولة الغداء وأخرى وهما يتبادلان الحديث والابتسامات أنه ناقش تأمين السلام والاستقرار في السودان.
دقلو ظهر في موقع الطرف القوي والواثق، وهذا يعود إلى الإنجازات العسكرية التي حققتها قواته خلال الفترة الماضية
من جهته كتب دقلو على إكس أيضا أنه بحث مع رئيس الوزراء الإثيوبي “ضرورة وضع حد بسرعة لهذه الحرب والأزمة التاريخية للسودان حيث أنها أفضل طريقة لتخفيف المعاناة عن الشعب السوداني”.
وكان حميدتي وصل صباح الخميس إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا قادما من أوغندا التي وصلها يوم الأربعاء والتقى خلالها بالرئيس يوري موسيفيني حيث تم طرح “رؤيتنا للتفاوض ووقف الحرب وبناء الدولة السودانية على أسس جديدة عادلة”.
وأكد حميدتي خلال لقائه بموسيفيني تمسكه بمخرجات قمة رؤساء إيغاد التي انعقدت في جيبوتي، وقال “سنمضي في تنفيذ ما التزمنا به من أجل إنهاء الحرب ورفع المعاناة عن كاهل شعبنا واستعادة الأمن والاستقرار لبلادنا”.
ويرى مراقبون أن الاستقبال الرسمي الذي حظي به دقلو خلال زيارته إلى إثيوبيا وأوغندا والحفاوة التي لقيها يعكسان عمق العلاقات التي تربط قائد قوات الدعم السريع مع بلدان شرق أفريقيا.
وينسف الاستقبال الذي حظي به دقلو في العاصمتين أديس أبابا وكمبالا جهود البرهان في التسويق لنفسه على أنه الممثل الوحيد للدولة السودانية في الخارج.
ويشير المراقبون إلى أن دقلو ظهر خلال الزيارتين في موقع الطرف القوي والواثق، وهذا يعود إلى الإنجازات العسكرية التي حققتها قواته خلال الفترة الماضية وآخرها سيطرتها على ولاية الجزيرة وسط السودان، وهي خطوة تمهيدية لطرق أبواب شرق البلاد التي يتخذها الجيش معقلا له.
ويعتقد المراقبون أن دقلو، وإن بدا حريصا على تحقيق السلام، فإنه سيمضي قدما في المسار العسكري في حال ظل البرهان على موقفه من إنهاء الحرب، كما استمرت مناورات فلول النظام السابق وآخرها حملة التحريض التي تشنها في ولايات الشمال والشرق.
وأطلقت مجموعات تسمي نفسها “المقاومة الشعبية المسلحة” دعوات لتسليح المدنيين في ولايات النيل الأبيض ونهر النيل والقضارف الشمالية وكسلا والبحر الأحمر وهي كلها مناطق خاضعة لسيطرة الجيش. وتتزامن هذه الحملة مع اعتقالات واسعة تشنها استخبارات الجيش في عدد من الولايات ولاسيما في ولاية سنار، جنوب شرقي السودان طالت ناشطات.
وتتهم قوى سياسية ومنظمات من المجتمع المدني فلول النظام السابق بالوقوف خلف حملات التجييش والتسليح بغاية خلط الأوراق، عبر خلق نزاع قبلي وعرقي. وقال عضو المجلس المركزي للحرية والتغيير علاء الدين نقد في تصريحات صحفية إن “هناك حملة منظمة وقوية للتسليح والتجييش تدور حاليا”.
وكشف أن الحملة يقودها تنظيم الإخوان المسلمين من تركيا ودول خليجية وأوروبية على وسائل التواصل الاجتماعي. وذكر نقد أن هذه الحملة تدعو إلى تحشيد السودانيين وتسليحهم، خاصة في الولايات الشمالية والشرق، مضيفا “يجب تفويت هذه الفرصة عليهم”.
من جهته كشف مسؤول أمني طلب عدم ذكر اسمه لأنه غير مخول للحديث إلى الإعلام أن عملية التجييش الجارية “خطوات كارثية في بلد أصلا يعاني من انتشار السلاح فكأنما تزيد النار حطبا”. وأكد أن “المجموعات التي تحصل على السلاح لا أحد يضمن كيف ستستخدمه ولأيّ أغراض”.
وتفيد إحصائية رسمية صدرت في العام 2018، بأن هناك خمسة ملايين قطعة سلاح في حوزة المدنيين بمختلف مناطق البلاد، لكن المسؤول الأمني أكد أن هذا الرقم أقل بكثير من الواقع، مضيفا “قبل الحرب صارت إجراءات ترخيص السلاح سهلة وتتحكم فيها الاستخبارات العسكرية وليس من خلال قانون الأسلحة والذخائر”، كما كان الأمر من قبل.
المصدر: العرب