أخبار السودان:
في تصريح صحفي له أوردته صحيفة الانتباهة، قال جادين علي وزير الطاقة إنّ أزمة الوقود شكّلت مصدر قلق حقيقي له،
وأضاف (حقيقة نحن في الوزارة ما شايفين مبرّر يؤدي للصفوف المتطاولة)، وأعلن بالمقابل اكتمال الإيفاء بجوانب كثيرة متعلّقة بتوفير الوقود، وأكمل (سوف يتمّ تتّبع الأزمة حلقة، حلقة لمعرقة أين يوجد الخلل)، ولمّح إلى وجود خللٍ ما في مكان ما، واعلن عن تتّبع حلقة أزمة الوقود الأسبوع الجاري من البداية وحتى آخر التفاصيل..وبهذا التصريح يعيد وزير النفط الجديد للذاكرة التصريح الشهير لسلفه وزير النفط ابان العهد البائد د. عبد الرحمن عثمان، وكانت البلاد وقتها تشهد ازمة وقود خانقة ما تزال للأسف قائمة ولم تراوح مكانها حتى الآن، وكان هذا الوزير قد اشتهر بمواقع التواصل الإجتماعي وفى الشارع السوداني بعبارة (مكانها وين) التي رددها بهستيرية خلال إجابته على سؤال وجه له بفضائية سودانية24 عن أزمة الوقود، فعندما حاول الوزير ان يبرر عبثا عدم وجود ازمة، باغته مقدم البرنامج بأن الازمة معروفة ومشهودة، ظل الوزير يردد بانزعاج (مكانها وين مكانها وين) نافيا مكانها عن وزارته، ولعل ما قاله وزير الطاقة الجديد هو ذات ما سبقه اليه سلفه صاحب (مكانها وين)، فالوزير الجديد يقول (ما شايفين مبرّر يؤدي للصفوف المتطاولة)، وقوله هذا يعني ان هناك وفرة في الوقود ولكنه لا يدري اين يذهب هذا الوقود، أي انه لايدري (مكانها وين) هذه الازمة، ولهذا تابع بالقول (سوف يتمّ تتّبع الأزمة حلقة، حلقة لمعرقة أين يوجد الخلل)، أي انه يريد ان يعرف مكانها..
وعطفا على (مكانها وين) القديمة و(مكانها وين) الجديدة، يبدو مؤسفا جدا ان يتطاول امد هذه الازمة وان لا يتم اكتشاف مكمنها، فكلا القولين للوزيرين السابق والجديد يذهبان لتأكيد ان وزارة الطاقة اوفت بما يليها من مسؤولية تجاه معالجة أزمة الوقود، ولهذا لا ترى الوزارة سببا أو مبررا للأزمة وتطاول الصفوف، واذا صح ان وزارة النفط بالتعاون مع وزارة المالية أو المحفظة وفرت الكميات الكافية من الوقود، يبقى السؤال عن اين تكمن مشكلة الوقود بعيدا عن وزارة النفط منطقي وموضوعي، وهذا يتطلب بذل الجهد لمعرفة مكان الازمة والقضاء عليه، ولا تفسير لذلك سوى انها ازمة مفتعلة بفعل فاعل، ولكن من المعيب اذا كانت الازمة فعلا بفعل فاعل ان يظل هذا الفاعل يستمر طوال هذا الوقت الطويل في خلق هذه الازمة دون اكتشافه، ولا يكفي ان تتبرأ منها وزارة النفط و(بس خلاص)، لابد من معرفة مكان الازمة، هل هي في آلية التوزيع أم في الولايات أم فى الطلمبات أم في عدم وجود رقابة أو ضعفها أم ان المهربين مازالوا ناشطين في التهريب رغم تطبيق قرار توحيد سعر الصرف، المهم لابد من فعل ناجز وحاسم يقطع دابر الازمات غير الحقيقية بدلا من اسلوب رد الفعل الذي ينشأ بعد استفحال الازمة..لا عيب فى الاعتراف بالخطأ ومحاولة إصلاحه للتخلص من أسباب الفشل، ولكن العيب كل العيب في الاستمرار فيه وتعليق اللوم على شماعات غير معروفة ومجهولة الهوية من شاكلة (مكانها وين)..
الجريدة