قُتل 16 شخصاً، أمس الثلاثاء، في حي أمبدة في أم درمان، غرب الخرطوم الكبرى، إثر قصف مدفعي وجوي طال منازل، حسب لجنة شعبية. وفيما تواصلت المعارك بين الجيش وقوات «الدعم السريع» دعت قوى «الحرية والتغيير» إلى تكوين جبهة لإيقاف الحرب.
وأكد بيان لجنة مقاومة حي أمبدة الثلاثاء أن «16 من المواطنين العزل ماتوا اليوم (أمس) في هذه الحرب العبثية في الحارات رقم 12 و16 و29».
وأشارت اللجنة، وهي ضمن مجموعات شعبية تنشط في تقديم الدعم منذ بدء النزاع قبل ثلاثة أشهر، إلى وقوع ضحايا في منطقة سوق ليبيا نتيجة القصف «ولكن لم يتم حصرهم».
وقال محمد منصور، وهو من سكان المنطقة لـ «فرانس برس»: «سقطت مجموعة من قذائف الكاتيوشا والدانات على المنازل وشاركتُ في إخراج 8 جثث». فيما بينت هاجر يوسف التي تقيم في حي أمبدة أيضا «سقط أربعة قتلى في منزل بجوارنا بينهم طفلان».
ومرت 100 يوم على اندلاع المعارك في السودان بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات «الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو «حميدتي» في العاصمة واقليم دارفور غربي البلاد. وقد أسفرت عن مقتل 3900 شخص حتى الآن، حسب منظمة أكليد غير الحكومية، علما بأن مصادر طبية تؤكد أن الحصيلة الفعلية هي أعلى بكثير.
والثلاثاء، أفاد سكان بأن قوات «الدعم السريع» شنّت هجوما على سلاح الذخيرة في منطقة الشجرة جنوب الخرطوم
خارج الخدمة
وأفاد بيان مشترك الثلاثاء لمدير منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط أحمد المنظري، ومديرة منظمة الصحة العالمية لإقليم أفريقيا ماتشيديسو مويتي بأن «أكثر من 67٪ من مستشفيات البلد صارت خارج الخدمة».
وأعرب المسؤولان الأمميان عن «الفزع إزاء التقارير التي تتحدث عن العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي بحق النساء والفتيات» مشيرين إلى أكثر من 4 ملايين امرأة وفتاة معرضات للخطر.
كما حذرا مع بدء موسم الأمطار من انتشار الأوبئة التي يمكن أن «تحصد المزيد من الأرواح ما لم تُتخذ إجراءات عاجلة».
سياسيا، دعا المجلس المركزي لـ«الحرية والتغيير» إلى تكوين جبهة مدنية واسعة لإيقاف الحرب والعمل على تماسك ووحدة الدولة السودانية.
واختتم المجلس، أمس الثلاثاء، في العاصمة المصرية القاهرة، اجتماعه المباشر الأول، منذ اندلاع الحرب، منتصف أبريل/ نيسان الماضي.
الانتهاكات الواسعة
وقال المتحدث باسم «الحرية والتغيير» جعفر حسن، إن الاجتماع الذي استمر ليومين، «ناقش الانتهاكات الواسعة التي تعرض لها السودانيون والأوضاع الإنسانية في البلاد، فضلا عن التداول حول رؤية الحرية والتغيير لإيقاف الحرب وإحلال السلام واستعادة مسار المدني الديمقراطي وتماسك ووحدة الدولة السودانية وبناء أوسع جبهة مدنية لإيقاف الحرب، إضافة إلى اقتصاديات ما بعد الحرب وإعمار السودان وتعويض المتضررين وجبر الضرر داخل الدولة».
وحذر القيادي في المجلس، رئيس حزب المؤتمر، عمر الدقير، من أن «تطاول أمد هذه الحرب يعني زيادة احتمال تحولها إلى حرب أهلية أو فتح المجال لتدخلات أجنبية» لافتا إلى أن «الموقف الوطني السليم يجب أن ينحاز إلى وقف الحرب، وأن ذلك هو موقف الحرية والتغيير منذ أول يوم في الحرب، وكل قوى الثورة السودانية. وقد كان على النقيض من ذلك موقف عناصر النظام السابق، الذين قرعوا طبول الحرب ظناً منهم أنها تفتح لهم الطريق إلى العودة للسلطة التي أسقطهم منها الشعب».
دعوة لحكومة انتقالية
بالتزامن، عقدت مجموعة الكتلة الديمقراطية، القريبة من الجيش، مؤتمرا صحافيا، أمس في القاهرة، أعلنت خلاله خريطة طريق لحل الأزمة الراهنة في البلاد، مطالبة رئيس مجلس السيادة القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان بـ« تشكيل حكومة تصريف أعمال عاجلة، تمهيدا لتشكيل حكومة انتقالية، بعد حوار شامل تشارك فيه جميع القوى السياسية».
ونصت الخريطة كذلك على الوقف الدائم لإطلاق النار ووقف العدائيات، وفتح ممرات آمنة لوصول المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين.
وقالت إن الآليات الدولية والإقليمية فشلت في حل الأزمة السودانية، والتي اعتبرت معظمها غير محايدة وجزءا أساسيا في اندلاع الحرب لتشجيعهم طرفا ضد طرف آخر.
ودعت الكتلة المجلس المركزي للحرية والتغيير للمشاركة في حوار سوداني شامل، لحل الأزمة الراهنة في البلاد.
وشارك في المؤتمر الصحافي رئيس الكتلة الديمقراطية، نائب رئيس الحزب الاتحادي الأصل، جعفر الميرغني، ورئيس تحالف الحرية والتغيير – الكتلة الديمقراطية، ورئيس تحالف الحراك الوطني التجاني السيسي، بالإضافة لحاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي، وزعيم المجلس الأعلى لنظارات البجا محمد الأمين ترك.
إلى ذلك، ثمن الحزب الشيوعي المبادرات الدولية التي تمت، وأولها مبادرة جدة برعاية المملكة العربية السعودية وأمريكا التي أطلقت حوارا غير مباشر بين الجيش وقوات الدعم السريع، كانت حصيلته إحدى عشرة هدنة لم تفلح جميعها في تحقيق الغرض منها بإيقاف الحرب وفتح المسارات لإيصال العون الإنساني للمتضررين.
وأشار إلى أن تلك الهدن افتقدت إلى الرقابة الفاعلة على الأرض، لافتا إلى الأسباب المبذولة لتعليق مباحثات جدة غير مقنعة والتي من بينها أن الطرفين المتقاتلين لا يلتزمان بالهدنة أو أن المحادثات لن تتواصل إلا إذا طلبا ذلك.
وأضاف: «لجأت أمريكا بعد ذلك إلى سن عقوبات على شركات يملكها الجيش والدعم السريع، ولكن من خلال التجارب الدولية فإن هذا النوع من العقاب لا يجدي خاصة في مثل هذه الحرب».
ولفت كذلك إلى قمة الهيئة الحكومية للتنمية «إيغاد» التي انعقدت أخيرا في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا في 10 يوليو/ تموز الجاري، التي قاطعها الجيش، بحضور ممثلين للولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي وعدد من دول الإقليم ودول الجوار، وخرجت بمناشدات لإيقاف الحرب ووقف غير مشروط لإطلاق النار وفتح المسارات لإيصال المساعدات للمتضررين. وبعدها انعقدت قمة دول جوار السودان التي تتأثر كثيرا بهذه الحرب وتداعياتها، وأكدت على سيادة السودان وعدم التدخل في شؤونه، وناشدت الطرفين بإيقاف الحرب وتكوين آلية وزارية لإيقافها.
ووفق الشيوعي «مضى زمن ليس بالقصير على كل تلك المبادرات والحرب العنيفة تودي بأرواح المدنيين وتفاقم من معاناتهم، بينما يتواصل إمداد الطرفين بالسلاح والعتاد من دول مجاورة، وهو أمر محظور، دون أي عقاب للفاعلين من قبل مجلس الأمن».
ورأى أن المجتمع الدولي عاجز عن إيقاف الحرب، بينما يكتفي بالدعوات المتكررة إلى ايقاف الحرب وفتح المسارات واعلان إحصائيات القتلى والنازحين واللاجئين.
وأشار إلى أن طرفي الصراع يسعيان لتحسين وضعهما التفاوضي أو لهزيمة الآخر، مؤكدا أن ذلك لن يحدث، والمتضرر الأكبر هو السودان وشعبه. وقال إن الحل للخروج من الوضع الكارثي الذي يهدد بقاء السودان هو الاصطفاف في جبهة شعبية عريضة ضد الحرب وتداعياتها وتوحيد المبادرات الوطنية والجبهة النقابية التي تقف ضد الحرب واستنفار لجان المقاومة والقوى المدنية للعمل من أجل إنهاء الحرب.
المصدر: القدس العربي