في وقت ما زالت فيه المعارك تشتد في الخرطوم ومواقع أخرى من السودان، بين الجيش وقوات «الدعم السريع»، أكد الجيش السوداني أن شرط إيقاف الحرب يعتمد على وقف «قوات الدعم السريع تمردها على الجيش، وكفّ يدها عن منهجيتها في بطش المواطنين وقتلهم واحتلال مساكنهم ومشافيهم، والمضي قدماً نحو تأسيس جيش واحد تحت قيادة موحّدة تعمل وفق النظام العسكري المعمول به في كل دول العالم».
وأقر الناطق الرسمي باسم الجيش، العميد نبيل عبد الله، لـ«الشرق الأوسط» في اتصال هاتفي من الخرطوم، بوجود دعم إقليمي مرصود لما وصفه بـ«ميليشيا الدعم السريع»، بشكل واضح وملموس منذ اللحظات الأولى، ولا يحتاج إلى «تأكيد أو دليل»، موضحاً أن الجيش لم يشِر بأصبع الاتهام لأي طرف إقليمي معين في هذه الحرب، «لكن الأمور بالنسبة لنا واضحة وضوح الشمس في وضح النهار».
وأضاف عبد الله أن شرط إيقاف الحرب «واضح، ونحن منذ أول يوم دعونا ميليشيا الدعم السريع بأن عليها ألا تتمادى في هذه المغامرة التي لن تجني منها شيئاً غير تدمير البلاد وإدخالها في أتون الخراب، إذ إن وقف الحرب يتطلب توقف حالة تمرد ميليشيا الدعم السريع». وتابع أن «طبيعة الأشياء أن يكون هناك جيش واحد تحت قيادة موحّدة تعمل وفق النظام العسكري المعمول به في كل دول العالم». وشدد عبد الله على أن الجيش لم يحدد مدة لإنهاء الحرب الدائرة الآن في السودان، مؤكداً في الوقت نفسه، أن الجيش سيمنع الاتجاه نحو أي شكل من أشكال الحرب الأهلية. وشدد على أن الحرب ستكون في إطارها الواضح المحدود، موضحاً أن الجيش يوقف أي «محاولة لقوات الدعم السريع للسيطرة على البلاد والسلطة بالقوة والتمرد على الدولة».
وحول اعتماد الجيش على الضربات الجوية لحسم المعركة، قال عبد الله: «لم نعتمد على الضربات الجوية فقط لأننا نعرف ذلك، حيث إن الحرب منظومة إجراءات متزامنة وجهد مشترك للقوات البرية والقوات الجوية، وغيرها من القوات الأخرى لتحقيق الهدف العسكري»، مقراً بأنه لا يمكن الاعتماد على الضربات الجوية فقط لحسم أي عملية عسكرية.
وقال المتحدث باسم الجيش إن قوات الدعم السريع لا تسيطر على الأرض، بل على مناطق محددة وطرق معينة، متبعة منهجية الاحتماء بالمدنيين الذين تتخذ منهم دروعاً بشرية، واحتلال مساكن المواطنين، لحماية أفرادها من المواجهة مع الجيش، نافياً علمه بحدود التفويض للوفد المفاوض في جدة، قائلاً: «لكن ما أعلمه حتى الآن أن هذه المفاوضات متوقفة حالياً منذ ما قبل عيد الأضحى المبارك».
وعزا طبيعة المواجهة إلى أن قوات الدعم السريع لا تستطيع مواجهة معسكرات الألوية والكتائب التابعة للجيش واقتحامها بشكل مباشر، كما يعرف الدعم السريع تماماً أن الجيش «لا يمكن أن يقتحم بالدبابات مواقعهم، وهم في بيوت الناس وفي المستشفيات، وبالتالي القضاء على المدنيين وعلى البنى التحتية وتعريض السكان لخطر الموت». وأضاف عبد الله: «من هذا المنطلق لا يمكن أن تقول إن الجيش لا يقوم بحماية المواطنين، بل على العكس فالجيش يقوم بحماية كل البلاد والعباد، من خلال إنهاء التمرد بطريقة عسكرية منهجية معروفة، تلتزم بأخلاق عسكرية. أما ما تفعله قوات الدعم السريع فهو منهجية نهب وسلب وسرقة واغتصابات وتدمير للمباني وللبنى التحتية».
سقف زمني
وأكد عبد الله أن الجيش يبذل كل ما في وسعه لإنهاء هذا التمرد، غير أنه لم يحدد سقفاً زمنياً لإنهاء هذه الحرب، لكنه يبذل جهداً لتقصير أمد الحرب قدر الإمكان، قائلاً إن «قوات الدعم السريع هي التي أقدمت على إشعال هذه الحرب، قامت بذلك في كل ولايات السودان وليس في الخرطوم وحدها». وأضاف: «منذ انطلاق الحرب في لحظاتها الأولى، داهمت قوات الدعم السريع كل المحطات الخدمية، في محاولة يائسة للاستيلاء على كل البلاد، ولكن الجيش تصدى إلى ذلك بكل بسالة وخيّب ظنها في تحقيق مآربها التي خططت لها منذ اللحظات الأولى للحرب».
وأضاف: «أخذت قوات الدعم السريع ارتكاب الأحداث المؤسفة في الجنية وحاولت مداهمة القواعد والحاميات العسكرية في الجنينة ونيالا وفي الفاشر، وفي مناطق أخرى، غير أن قوات الجيش السوداني، متمركزة وتواجه هذا الوضع ببسالة وثبات»، مؤكداً أن المهمة التي يعمل عليها الجيش السوداني العمل على إنهاء التمرد في أمد قصير، لإيقاف هذا السيناريو، الذي رسم بشكل دقيق لتدمير البلاد ومحاولة الحيلولة، لمنع مؤامرة تحول هذه الحرب إلى حرب أهلية، مؤكداً أن الجيش لن ينساق تجاه هذه المؤامرة.
المصدر: الشرق الاوسط