على وقع أصوات الرصاص المسموعة خلال المكالمة، يقول المواطن السوداني، إبراهيم نقدالله: “الحياة متوقفة هنا تماما، لا كهرباء ولا ماء، والسيارات متكدسة في محطات البانزين”.
نقدالله تحدث لموقع “الحرة” هاتفيا من حي قرب مبنى هيئة الإذاعة والتلفزيون، في منطقة أم درمان القديمة حيث يقيم، وحيث تدور اشتباكات عنيفة بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ السبت الماضي.
“لو لا الطعام الذي اشتريناه قبل رمضان لكنا هلكنا”، يقول نقدالله متحدثا عن الظروف الصعبة في منطقته والمناطق المجاورة.
يضيف نقدالله أن “الشوارع الرئيسية خالية تماما من المارة والمتاجر مغلقة. عدد قليل من المتاجر في الأحياء الداخلية مفتوحة”، المشكلة، يوضح، إذا استمرت هذه الاشتباكات، “فالمواد الغذائية التي اشتراها الناس استعدادا لرمضان ستنفد تماما”.
وينقل أحمد البدوي، من حي كرري في أم درمان، مخاوف كثيرين من احتمال استمرار الصراع، فالمخابز التي لديها مخزون من الدقيق ما زالت تفتح أبوابها، لكن مخزونها لن يكفي أكثر من أسبوعين أو ثلاثة.
يقول البدوي إن أصوات القصف الجوي والقذائف تمنعهم من النوم، والناس يتحينون الفرصة عندما تهدأ الاشتباكات للخرود من أجل شراء بعض الحاجيات وخاصة الخبز.
أما بشير دراج الذي يعيش في منطقة بحري في الخرطوم، فيصف الوضع بـ”الكارثي” والمعاناة كبيرة جدا، إذا “خرجت محطة المياه في بحري عن الخدمة، وانقطاع التيار الكهربائي، ومحطات البنزين متوقفة عن العمل”.
ويوضح دراج أن المحطة في بحري تضررت بسبب الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع “حيث توجد ارتكازات للجانبين هناك”، ولا يستطيع المهندسون “الوصول إلى هناك لإصلاح الأضرار”.
“الناس متكافلون” يساعدون بعضهم بعضا بالغذاء، يقول دراج، “لكن المشكلة المشكلة الأكبر في الكهرباء والمياه، لدرجة أن الناس ذهبوا لجلب مياه من البحر.. الوضع صعب للغاية”.
يعتقد الخباز فاروق حسن أن الأسوأ لم يأت بعد. إذ لم يعد من الممكن الانتقال بالسيارة بين الخرطوم وضواحيها فالجسور والمحاور الرئيسية إما أغلقها الجيش أو يتعذر استخدامها لأنها مسرح للمعارك.
ومن دون وسائل انتقال، ستختفي السلع الغذائية في بلد يعاني من تضخم من ثلاثة أرقام ومن الفقر، الأمر الذي أدى إلى تقليص قدرة صغار التجار على الشراء والتخزين.
ويقول حسن “مخزون الدقيق لدي لن يكفي أكثر من 48 ساعة إذا لم تستطع شاحنات نقل المواد الغذائية التحرك”، بحسب ما نقلت عنه وكالة فرانس برس.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الاثنين، إن “الوضع الإنساني” في السودان أصبح كارثيا، في وقت دخلت المعارك بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بـ”حميدتي” يومها الثالث.
وأعلن رئيس بعثة الأمم المتّحدة في السودان فولكر بيرتيس الاثنين سقوط أكثر من 180 قتيلاً و1800 جريح في المعارك المستعرة في السودان منذ ثلاثة أيام بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وقال بيرتيس للصحفيين في نيويورك إثر إجرائه من الخرطوم مداخلة عبر الفيديو أمام مجلس الأمن الدولي إنّ “الوضع شائك للغاية، لذلك يصعب القول بأي اتّجاه يميل ميزان” القوة في الميدان.
المصدر: الحرة