أعلن مجلس السيادة الانقلابي، مساء السبت، عن “تشكيل لجنة أمنية مشتركة” لمتابعة الأوضاع في البلاد، وذلك عقب اجتماع ضم قائد الانقلاب عبدالفتاح البرهان ونائبه، قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي).
وجاء اجتماع الرجلين، بعد تفاقم صراع السلطة بينهما، حيث بدا قائد الجيش الانقلابي عبدالفتاح البرهان، راغباً في التملص عن التزامه بالاتفاق الإطاري، ومكرساً سعيه للسيطرة على السلطة من خلال بقائه على رئاسة مجلس السيادة بكافة الصلاحيات.
وأقر اجتماع البرهان وحميدتي أمس تشكيل لجنة أمنية تضم “قوات نظامية” و”أجهزة الدولة ذات الصلة” و”حركات الكفاح المسلح”، من دون الكشف عن تفاصيل إضافية.
وقال إعلام مجلس السيادة الانقلابي، إن اجتماع “البرهان وحميدتي” بحث “سير العملية السياسية، مع ضرورة المضي قدما في الترتيبات المتفق عليها”.
وكان الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة، العقيد نبيل عبدالله، أكد في وقت سابق، التزام الجيش الكامل بالعملية السياسية الجارية، وتقيده الصارم والتام بما تم التوافق عليه في الاتفاق الإطاري، لحل أزمة البلاد، عبر تشكيل حكومة مدنية لقيادة المرحلة الانتقالية.
وكان عضو مجلس السيادة الانقلابي الفريق شمس الدين كباشي، أطلق تصريحات خلال مخاطبة جماهيرية بولاية جنوب كردفان، فبراير الماضي، تدل على نية الجيش التنصل من العملية السياسية، حيث قال إن “الجيش لن يحمي دستوراً غير متوافق عليه، مشيراً إلى أن القوى السياسية والعسكرية الموقعة على الاتفاق الإطارئ ليست كافية لحل المشكلة السياسية”.
وعلى إثر تلك التصريحات المتراجعة عن “الاتفاق الإطاري” تصاعدت حدة الخلافات بين “البرهان وحميدتي”، بينما ظلت مجموعات النظام البائد تغذي هذه الخلافات بالتحريض على “الاتفاق الإطاري” والترويج للحرب، في وقت كشفت فيه مصادر لـ (الديمقراطي)، عن إعادة مجموعة هيئة العمليات السابقة بجهاز الأمن، إلى العمل تحت إمرة هيئة الاستخبارات العسكرية.
ويرى مراقبون أن إعادة البرهان لهيئة العمليات سيئة السمعة إلى العمل، تحت إمرة الجيش، قد يكون في إطار صراعه مع نائبه قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي).
وأشاروا إلى أن البرهان وحميدتي كلاهما طامعان في السلطة، بيد أن الأول يريدها عاجلاً، الأمر الذي دفعه لمحاولة التملص من الاتفاق الإطاري، الذي نص على إبعاد الجيش عن السياسة، حيث يسعى البرهان لإعادة مجلس السيادة مرة أخرى وتنصيب نفسه رئيساً له ومسؤولاً عن كل الأجهزة الأمنية العسكرية، بينما يفضل حميدتي عدم الاستعجال والانتظار أكثر، لذلك يعلن التزامه بالإطاري.
وأكد المراقبون أن طمع البرهان وحميدتي في الانفراد بالسلطة يعقد الترتيبات الأمنية والإصلاح الأمني العسكري، كما يهدد بدفع البلاد إلى حرب أهلية تحرق ما تبقى من سلطة مركزية.
وقبل يومين، قال حميدتي أمام قواته في قاعدة المرخيات شمال أم درمان، إنه ليس على خلاف مع الجيش وإنما مع “المكنكشين” (المتشبثين) بالسلطة، ولا يريدون تسليمها إلى حكومة مدنية وفقاً لما نص على ذلك الاتفاق الإطاري.
وسبق تصريح حميدتي هذا، حديث مشابه لنائبه في قيادة قوات الدعم السريع، شقيقه عبدالرحيم دقلو، طالب فيه الممسكين بالسلطة تسليمها بلا لف ولا دوران.
وكان الانقلاب، الذي عطل الانتقال لحكم مدني بعد الإطاحة بالرئيس السابق، عمر البشير، في أبريل عام 2019، أثار احتجاجات مناهضة للقوات المسلحة شبه أسبوعية، وسط ما تعانيه البلاد من أزمة اقتصادية عميقة وتصاعد في وتيرة الاشتباكات العرقية في بعض الولايات.
المصدر: الديمقراطي